هذا في المفردات من حيث هِيه.
إذا انتهيت من هذه الكتب، هناك كتب معاصرة تفيد في هذا، ومن أمثلها من جهة الكليات -كليات المعاني والاستعمال- كتاب معجم ألفاظ القرآن الكريم الذي أصدرته أظنّ الهيئة العامة للكتاب في مصر أو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر أو ما أشبه ذلك، المهم معجم ألفاظ القرآن الكريم طبع في مجلدين.
المرتبة الثالثة
المرتبة الثالثة في معرفة التفاسير أو الدخول في علم التفسير: أن ترتِّب مراجعتك في التفسير لمعرفة معنى الآية، وهذا ينبني على فهم التفاسير.
وكان لي محاضرة بعنوان مناهج المفسرين ربّما بعضكم سمعها، لا نطيل بتفصيل مدارس المفسرين ومناهج المفسرين وخصائص كل كتاب في التفسير تدخلها داخل هذه المرتبة؛ لأنك قبل أن تُطالع كتاب التفسير لابد أن تعرف منهجه، وهل مثلا من مدرسة التفسير بالرأي أم من مدرسة التفسير بالأثر؟ ما خصائصه؟ مميزاته؟ منهجه؟ قبل الدخول في التفسير إذا عرفته أحسنت استعماله.
لأن كتب التفسير جميعا لا تخلو من حالين: حال إجادة وحال ضعف، يأتي في آيات يجوّد الكلام، وفي آيات تبحث تفسيرها لا تجد، تجد أنه أسرع فلم يذكر شيئا.
وهذه راجعة إلى ضعف الإنسان من جهة، وإلى أن القرآن غالب لا مغلوب، على كثرة التفاسير لا يُغني تفسير عن تفسير، إلا أن يكون تفسير قد أختصر من تفسير آخر حرفيا؛ لكن الكتب التي ألفت على استقلال لا يغني بعضها عن بعض؛ لأن المفسر نجد أنه نشِط في موضع الآخر لم ينشط فيه، وهذه أنا جريته كثيرا وتعدد التفاسير يخدم في هذا.
ابن جرير وابن كثير، تجد ابن جرير في مواضع تكلم بكلام تستغرب كيف يميل إلى هذا الضعيف أو يقول به أو يرجحه، تجد أن ابن كثير يأتي فيردّ عليه في هذا الموضع ويطيل. أو هناك تجد أن كلامه في التفسير قليل على آية وتجد أن ابن كثير أطال النفس فيها.
وهكذا، إذا دخلت مدرسة التفسير الرأي يعني بالاجتهاد والاستنباط، وقد فصلنا بين الرأي المحمود والرأي المذموم وأن ما كان بالرأي المحمود يعني بالاجتهاد والاستنباط مع اكتمال الآلات فإنه لا بأس بذلك، تجد أن المفسرين بالرأي؛ يعني بالاجتهاد والاستنباط بعضهم يجيد في مكان ويَقل في مكان.
هنا في هذه المرتبة إذا عرفت مناهج المفسرين فأول ما ترجع إليه في كتب التفسير التفاسير الأُوَل يعني تتسلسل مع التفسير في المراجعة فيما أشكل على حَسَب الزمان، على حسب وفيّات المؤلفين.
فإذا أمكن أولا أن تطالع صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، فهذا أمثل ما يكون أول ما تراجع.
تراجع معلقات البخاري في التفسير عن ابن عباس وعن مجاهد وعن أصحاب ابن عباس أو عن ابن مسعود إلى آخر المشتهرين بالتفسير من الصحابة والتابعين فهذا أمثل.
ثم تنتقل إلى التفاسير المسندة تفسير عبد الرزاق، تفسير ابن أبي حاتم فيما وجد منه، تفسير ابن جرير ثم تسلسل مع الزمن.
هذا التسلل ليس الغرض منه أن تأخذ النتيجة، وإنما الغرض منه أن تتدرب على معرفة التفسير؛ لأن المفسِّر الذي أخذ عن من قبله وأورد كلام من قبله مع شيء من التصرّف أو أخذه وعبّر عنه، فأنت بمطالعتك لكلام الأول تعرف كيف تصرّف العالم المتأخر من علماء السلف -كابن جرير مثلا في عمله مع من قبله أو ابن كثير في عمله مع من قبله- كيف تصرفوا في كلام من قبلهم وصاغوه، فيُقيم لطالب العلم دُربة عملية في معرفة كيف يصوغ التفسير بصياغة أهل العلم.
لأننا وجدنا أن التفسير خَاضَ فيه الناس بما يُسمى المِزَاج، يعني هكذا هو خطر في باله هذا معنى الآية، هذا ظاهر الآية ولم يتدرب على هذا وليس من أهله، ولم يعانِ التفسير ويعانِ كاب التفسير حتى يكون عنده ما يقربه من فهم المعاني، وهذا لاشك أنّه يدخل في قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ وإنْ أصاب» حتى ولو أصاب فإنه لم يصب عن علم وإنما أصاب اتفاقا، فقد أخطأ إذْ تجرأ على التفسير دون علم، وإن أصاب فلم يصب عن علم وبينة وحجة، ليس عنده ملكة في العلوم الشرعية العقيدة والفقه والحديث إلى آخره، ليس عنده ملكة في العربية، فمن أين أتاه الصواب؟ يكون أتاه الصواب اتفاقا، فإنه أخطأ وإن أصاب، حتى لا يتجرأ على ذلك ترتيب التفاسير في المراجعة كتعلم، هذا الآن منهج تعلم التفسير ليس منهج مراجعة لتفسير آية، تريد ترجع لتفسير آية أشكلت عليك راجع أحد
¥