التفاسير وينحلّ المعنى، ولكن تتعلم التفسير يكون بهذه الطريقة.
تمشي مع كتب التفسير بالأثر حتى تقف عند نهايتها.
تأتي إلى مدرسة التفسير بالاجتهاد بالرأي، ابتدأ هذه المدرسة من علماء الأثر ابن جرير، وأورد في تفسيره ما تفق في كتب من قبله مما يتعلق بتفسير القرآن؛ لذلك ابن جرير رحمه الله يُعدّ أول من خلط بين علوم التفسير بالأثر وعلوم التفسير بالرأي والاستنباط، تجد في تفسيره الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين، وتجد فيها مباحث اللغة العربية، مباحث العقيدة، الرد على المخالفين، الرد على الملحدين، الرد على المبتدعة في الصفات، تجد فيه ما يخلط هذا وهذا، بخلاف ما لو رأيت: تفسير مثلا عبد الرزاق، تفسير الإمام أحمد في القطع التي نقلها ابن القيم وغيره عنه، تفسيره ابن أبي حاتم، تفسير ابن عبد بن حميد فيما وجد منه، إلى آخر التفاسير بالأثر، تجد أنها تفاسير أثرية محضة لم تخلط بالأثر اجتهادا؛ لكن ابن جرير خلط هذا وهذا.
فمنه تنطلق إلى رؤية عالم إمام سني سلفي في إدخال علوم الاجتهاد وعلوم العربية وعلوم الفقه والرد على المخالفين في التفسير كيف انضبط وكيف رد وما تفرع بعده.
هنا تأتي إلى من بعده وترى كيف توسعوا في تفسير الآية، فإذا رأيت علمه كيف أدخل علوما أخر لا صلة لها بالآية في تفسير الآية، تعرف مواطن الإجادة ومواطن الزلل، فيكون عندك علم بالتفسير بمدرستيه مدرسة التفسير بالأثر ومدرسة التفسير بالرأي.
المرتبة الرابعة
التفسير -وهذه المرتبة الرابعة- فيه مواضع مشكلة أشكلت على كثير من العلماء بل على أكثر العلماء؛ بل قال فيها شيخ الإسلام ابن تيمية لا تكاد تجد في التفاسير منها قولا صحيحا، وهذه مضايق لطالب العلم كبيرة، ولا زالت مضايق إلى الآن.
شيخ الإسلام ابن تيمية كتب مجلدة في ذلك طُبعت في مجموع فتاوى ابن تيمية، وهي موجودة في نسخة خطية، عندي منها صورة في بعض المكاتب أوربا كانت بعنوان: تفسير آي من القرآن أشكلت. وهذا العنوان منتزع من مقدمة شيخ الإسلام، وذكر فيها شيخ الإسلام بالمقدمة أن هناك آيات في القرآن أشكلت على أهل العلم فلا تجد فيها قولا صحيحا. طبعا هذا تفهمه مع فهمك لقواعد أو لأصول التفسير، لا تجد فيها قولا صحيحا لأن السلف ما تكلموا فيها مثلا، لو كان للسلف لو كان لهم كلام فيها لكان حجة في هذا الباب -نعني بالسلف الصحابة- أما التابعون فقولهم ليس حجة يجب المصير إليها في التفسير؛ ولكن يحسن المصير إليها فيما كان من جهة فهم القرآن والاستنباط، هذه المواضع التي أشكلت تدرك الصواب فيها بعد مراجعة التفاسير.
إذا أدركت الخطوات السابقة عرفتها عرفت الصواب، عرفت كيف أشكلت ولم؟ وحجة شيخ الإسلام حينما دخل في هذه المضايق ورجح ما رجح في تلك الآيات.
الذي يجب على طالب العلم بالتفسير أن:
أولا: يتجرأ على التفسير.
الثاني: أن يعلم أنّ التفسير هو تفسير هو تفسير كلام الحق جل وعلا، وهذا صاحب العقيدة يكون معه في قلبه هيبة إذا أراد أن يدخل هذا الميدان؛ لأنك تدخل لبيان معاني كلام الله جل وعلا، طالب العلم إذا أراد أن يشرح متن من المتون أعدّ له العدة وخاف وأصابه ما أصابه؛ لأنه كلام العلماء فكيف يُتجرأ على كلام الحق جل وعلا على كلام الله بالتفسير، وهو لم تكمل عنده الآلة لم يعلم كلام أهل العلم فيه، لم يكن عنده دربة لم يطلب العلم بالتفسير طلبا صحيحا.
الثالث: أن يتبرأ من العهدة ما أمكن بالإحالة على قول العلماء المأمونين بالتفسير قد الإمكان لا تأتي أنت بشيء ولا ترجح شيئا، قال العلماء هكذا، قال الإمام أحمد هكذا، قال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُ هكذا، قال علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ كيت وكيت، وهذا هو ما يكون لك من جهتك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كذا، قال ابن جرير كذا، رجح ابن جرير كذا، ابن كثير وافقه على ذلك.
المرتبة الخامسة والأخيرة
¥