هذا أمر يَتَنَافَى مع الشرع، وإن هذا التعريف غير مستقيم، ولا بدّ من تعريف مستقيم، فنقول: {إن الرسول مَن أُوحيَ إليه شرع جديد، وأمّا النبي فمَن بُعِثَ على تقرير شرع من قبلَه}.
- الرسل بشر لكنهم تميّزوا عن البشر بخصائص منها:
أوّلها وأعظمها: الوحي.
وثانيها: أنهم يُخيّرون عند الموت، ويُدفنون حيث يموتون، ولذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يُخيّر، وسمعته عائشة-رضي الله عنها-وهو يقول:"بل الرفيق الأعلى" ودُفِن-عليه الصلاة والسلام- في نفس موطن موته في حجرة عائشة، كما هو ظاهر اليوم.
ثالثها: أن الأنبياء لا تأكل الأرض أجسادهم [قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك وقد أرِمْت؟! قال:"إن الله أوحى إلى الأرض أن لا تأكل أجساد الأنبياء"].
رابعها: أنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية الله أعلم بها، وقد مرّ النبي-عليه الصلاة والسلام- على موسى وهو قائم يصلّي في قبره، كما أخبر-صلوات الله وسلامه عليه-.
- قال تعالى: {فضّلنا بعضهم على بعض} وهذه الآية محكمة صريحة واضحة أن التفضيل قائم بين الأنبياء، لكنّه ثبت عن نبيّنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الصحيحين من حديث أبي سعيد وغيره أنه قال:"لا تفاضلوا بين الأنبياء"وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:"لا تخيّروا بين الأنبياء".
إذاً يوجد بما يُسمّى بالنطاق العلمي: إشكال لا بدّ من حلّه،
أجاب العلماء –رحمهم الله-عن هذا بأجوبة من أشهرها:
ق1) أن هذا كان قبل أن يعلم-عليه الصلاة والسلام-إنه قال ذلك القول قبل أن يعلم بأن هناك تفاضل، وهذا أضعف الأقوال في حلّ الإشكال.
ق2) قال بعض العلماء::أن التفاضل يكون ممنوعاً في حالة أن يكون معتمداً على عصَبَة وحميّة، أي: يأتي كلّ مسلم يُناصر الرسول الذي من الأمّة التي هو فيها، وهذا القول مَالَ إليه كثير العلماء، وعندما نقول: {كثير} غير كلمة {أكثر}.عندما نقول: {كثير} لا يعني أن الغلبة
لكن قال به عدد غير محدود، أمّا {الأكثر} فإنّنا نوازي بين فريقين:
ق3) وممن أجاب عن هذا من العلماء الشيخ الإمام الشنقيطي في أضواء البيان، قال: إن حلّ هذا الإشكال أن يُقال: إن الأنبياء يتساوون في أصل النبوة، ويكون التفاضل في الأعطيات التي خصّ الله بها بعضهم على بعض.
ق4) قول ابن عطيّة-رحمه الله-كما نقله عنه القرطبي، وهو أصوَب الأراء فيما نعتقد، أنه قال-رحمه الله-:"إن التفاضل يكون ممنوعاً إذا كان مخصوصاً بين نبيّ بعينه ونبيّ آخر" أي مثل: موسى وعيسى، أو محمّد وإبراهيم، أو موسى ونوح، قال هذا ممنوع؛ لأن هذا يُورث شيئاً في الصدور، ولكن أن تبيّن فضل الله على نبي بخلاف ما عليه غيره من الأنبياء، هذا الذي أراده الله في قوله: {فضلنا بعضهم على بعض} وإلى هذا الرأي نَمِيل، والله تعالى أعلم.
- نكمل الباقي إن شاء الله تعالى .... نسأل الله الإعانة والسداد والتوفيق ..... ونسأله تعالى علماً لا يُنسى .... -
ـ[أبو مهند القصيمي]ــــــــ[16 - 03 - 06, 07:49 م]ـ
بارك الله فيك،،
ـ[أبو عباد]ــــــــ[22 - 03 - 06, 07:55 ص]ـ
أشكرك أخي أبو مهند القصيمي على المتابعة
نكمل ما تبقى من كلم الشيخ صالح-حفظه الله-:
يقول الشيخ صالح بن عواد المغامسي-حفظه الله-:
- قوله تعالى: {منهم من كلّم الله} إذا أُطلق التكليم ينصرف إلى موسى-عليه السلام- لأن الله قال: {إنّي اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} وقال الله: {وكلّم الله موسى تكليماً} لكن الذين كُلِّموا أكثر من واحد، الثابت منهم ثلاثة:1 -
1 - آدم-عليه الصلاة والسلام-،فقد ثبت عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بسند صحيح أنه سئِلَ عن آدم: أنبيّ هو؟ قال:"نعم. نبيّ مُكلّم"وهذا نصّ في المسألة نفسها.
2 - موسى، بنصّ القرآن.
3 - محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في ليلة الإسراء والمعراج.
- أفضل الأنبياء جملة:
أولوا العزم، قال الله تعالى: {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} وهم خمسة، وقال أكثر العلماء على أنهم: نوح-وإبراهيم-وموسى-وعيسى-ونبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
- قال تعالى: {وأيّدناه بروح القدس}:
ق1) جمهور العلماء: على أن روح القدس المقصود به هنا: جبرائيل، ويؤيّده من السنة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال لحسّان:"أُهجُهُم، وروحُ القدس معك".
ق2) وذهب بعض العلماء كابن سعدي-رحمه الله-في تفسيره إلى أن المقصود بروح القدس: الإيمان واليقين في قلب عيسى ابن مريم.
- يقول الشيخ-حفظه الله-:قد يشقى الإنسان في زرعٍ طوال دهره فيحصدُه غيره، وقد يجمع الإنسان المال ليأكله فيموت ويأكلُه غيره.
- قال تعالى: {يا أيّها الذين آمنوا ... } يسمّيه بعض العلماء نداء كرامة؛ لأن الله تعالى نعتَ فيه عبادَه بوصف، ونعت الإيمان أحبُّ نعت إلى قلوبهم.
- قال تعالى: {الحيّ القيوم} قال أهل العلم: كلّ أسماء الله الحسنى مردّها إلى معنى هذين الاسمين العظيمين.
- - ما معنى {الحيّ}؟
أن حياة الله حياة لم يسبقها عدم، ولا يلحقها زوال.
أما {القيوم}:
أنه جلّ وعلا مُستغني عن كلّ أحد، وكل أحد مفتقر إليه.
- العلوم أربعة:
1/ علم ماضي. 2/علم حاضر. 3/علم مستقبل. 4/علم لم يكن، لكن كيف يكون لو وقع.
وهذه الأربع كلهنّ يعلمهنّ الربّ-تبارك وتعالى-قال الله في هذه الآية: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} وهذا يشمل كلّ شيء، وكلّ علم.
أمّا العلم الرابع الذي قلناه: يعلم مالم يكن لو كان كيف يكون، فيدلّ عليه قوله: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً} هذه في المنافقين أنهم لو خرجوا لم يزيدوا المسلمين إلاّ خبالاً مع أن المنافقين لم يخرجوا، لكن الله أخبر لو كان منهم خروج كيف سيكون منهم الوضع.
وقال عن أهل النار: {ولو رُدُّوا لعادوا لما نُهُوا عنه .... } ومعلوم لكلّ مسلم أن أهل النار لن يخرجوا من النار، ولن يعودوا إلى الدنيا، لكن الله يخبر حتى لو عادوا على أي حال سيتصرفون.
نكمل الباقي ان شاء الله تعالى لاحقاً
¥