تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 ـ وقال ابن جرير: وحدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن جده عن علي قال: (إن آدم خلق من أديم الأرض؛ فيه الطيب والصالح والرديء، فكل ذلك أنت راء في ولده الصالح والرديء).

قال الطبري ـ معلقًا على هذين الأثرين وغيرهما ـ الأرض: ((وقد روي عن رسول الله خبر يحقق ما قال من حكينا قوله في معنى آدم)) ثم ساق بسنده إلى رسول الله، قال: (إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأحمر والأسود والأبيض وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب).

ثم قال الطبري: ((فعلى التأويل الذي تأول آدم من تأوله بمعنى أنه خلق من أديم الأرض يجب أن يكون أصل آدم؛ سُمِّي به أبو البشر كما سمي أحمد بالفعل من الإحماد وأسعد من الإسعاد فلذلك لم يجر ويكون تأويله حينئذ آدم الملك الأرض يعني به أبلغ أدمتها وأدمتها وجهها الظاهر لرأي العين كما أن جلدة كل ذي جلدة له أدمة ومن ذلك سمي الإدام إداما لأنه صار كالجلدة العليا مما هي منه ثم نقل من الفعل فجعل اسما للشخص بعينه)).

وقد قيل في اسم أصل اسم آدم أقوال أخرى، ونُسِب إلى لغات ترجع في نهايتها إلى اللغة العروبية الأم. (انظر: تاج العروس، مادة (أدم)، وحاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي (2: 124 ـ 125)).

وليس هذا مجال الاستطراد في هذا، إذ يكفي وضوح الاشتقاق العربي في هذا الاسم، إذ اللغات الأخرى المذكورة، وهي السريانية أو العبرية ترجع إلى اللغة العربية الأولى: لغة الاشتقاق التي سيرد الإشارة إليها عبر هذه الجزئية.

واسم آدم لم يتغيِّر عند أصحاب الكتب السماوية، فهو بهذا الاسم بعينه عندهم، وهذا يشير إلى اللغة الأولى التي تكلم بها آدم عليه السلام، وأنها لغة اشتقاق تتوالد فيها الكلمات من أصول ثابتة، قد يموت بعضها فينسى، وقد يبقى بعضها باهتة الدلالة غير معروف الأصل، وقد يستمر كثير منها في اللغة الخالدة الباقية، وهو المتمثل في لغات عرب الجزيرة الذين بقيت في لغتهم فكرة الاشتقاق وما زالت مستمرةً، مع ملاحظة الاختلاف في طريقة الاشتقاق، ومحل هذا كتب فقه اللغة.

وإذا كنت تستغرب أن يكون اسم آدم مشتقٌّ من أديم الأرض الذي هو أصل مادته، فاسمع هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

روى الإمام أحمد بسنده إلى إبراهيم بن عبد الله بن قارض أن أباه حدثه أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وهو مريض، فقال له عبد الرحمن رضي الله عنه: وصلتك رحم. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: أنا الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها اسما من اسمي، فمن يصلها أصله، ومن يقطعها أقطعه فأبُتُّه، أو قال من يَبُتُّها أبُتُّه).

وروى الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: أنا الرحمن، وهي الرحم شققت لها من اسمى؛ من يصلها أصله، ومن يقطعها أقطعه فأبتُّه).

ألا ترى دلالة الاشتقاق واضحة في علاقة الرحِمِ بالرحمن، إنها لغة الاشتقاق، تلك اللغة النامية الخالدة، فتأمل جيدًا هذه الحيثية فإنها أصل في تأصيل لغة العرب، وبيان قدمها في التاريخ.

ومما يستأنس به في هذا الباب من الأخبار ما رواه الطبري عن ابن عباس قال: ((فأخرج إبليس من الجنة حين لعن وأسكن آدم الجنة فكان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها فنام نومة فاستيقظ وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها: من أنت؟

فقالت: امرأة.

قال: ولم خلقتِ؟

قالت: تسكن إلي.

قالت له الملائكة ـ ينظرون ما بلغ علمه ـ: ما اسمها يا آدم؟

قال: حواء.

قالوا: ولم سميتَ حواء؟

قال: لأنها خلقت من شيء حي)) تفسير الطبري ط: الحلبي ج: 1 ص: 214

ففي هذا الخبر ترى أن آدم اشتق اسم زوجه من معنى الحياة؛ لأنها خُلِقت من حيٍّ.

أضف إلى ذلك ما رواه مسلم بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب، فسلم على أولئك النفر ـ وهم نفر من الملائكة جلوس ـ فاستمع ما يجيبونك، فإنها تحيَّتك وتحيَّة ذريتك.

قال: فذهب، فقال: السلام عليكم.

فقالوا: السلام عليك ورحمة الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير