تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[نياف]ــــــــ[23 - 11 - 05, 10:48 م]ـ

(5) (نظرات في المعرب) العبرانيون وإبراهيم العبراني


إن التوغل في التاريخ القديم صعب للغاية، غير أنَّ هناك إشارات ودلالات يهتدي بها من يريد إثبات قضية ما.
واليوم أطرح لكم شيئًا يتعلق بعروبة إبراهيم عليه السلام، وأبين لكم نقد النظرية العبرية المزعومة، فأقول:
لقد عاش إبراهيم حياته الأولى في العراق، وحصل له ما حصل مع قومه عبدة النجوم والأصنام على السواء، ثمَّ هاجر عليه السلام من العراق ومع زوجه سارَّة (لاحظ عروبة هذا الاسم)، وابن أخيه لوط (لاحظ عروبة هذا الاسم).
فمن هم قوم إبراهيم عليه السلام؟
سكن قوم إبراهيم في (أور: مدينة بالقربة من البصرة الآن) في جنوب العراق، وهي منطقة عربية منذ القدم، قامت إليها هجرات عربية من الجزيرة العربية على مراحل مختلفة الزمن.
وقد ظهر أنبياء في جزيرة العرب قبل إبراهيم، منهم نوح، وصالح، وهود، وشعيب، ثمَّ جاءت رسالة إبراهيم بعد ذلك.
فالعرب سابقون لإبراهيم قطعًا ـ فيما لو فُرِضَ أنه ليس بعربي ـ لا يخالف في ذلك إلاَّ مجادل لا يريد الوصول إلى الحق.
ويكاد يجمع مؤرخو الحضارات القديمة اليوم أنَّ الشعوب التي سكنت منطقة العراق والشام ومصر وشمال القارة الإفريقية وساحل البحر الأحمر من جهة أفريقية، يكادون يجمعون على أنهم شعوب عربية خرجت من جزيرة العرب. (ينظر على سبيل المثال: دراسات تاريخية لنجمد معروف الدواليبي)
لكنَّ بعضهم ـ مع الأسف ـ يستخدم مصطلح (السامية) للدلالة على تلك الشعوب، ويجعل العرب قسمًا منهم، وهذا منه مكابرة وبعدٌ عن الحقِّ.
ومصطلح السامية قد ظهر زيفه وبطلانه بما لا يحتاج إلى كبير إعمال ذهن، وعلي أطرح نقده في مقال لاحق (ينظر: نقد النظرية السامية، ج1، أسطورة النظرية السامية: توفيق سليمان، دار دمشق للطباعة والنشر، ط 1، 1982م).
أما الكلدانيون الذين تُنسب إليهم هذه المدينة، فكانت لغتهم الأكادية (ينظر: معجم الحضارات السامية، مادة كلدانيون).
والأكادية هي أحد اللغات العروبية القديمة التي خرجت من جزيرة العرب مع هؤلاء الكلدانيين الذين استقروا في جنوب العراق اليوم (ينظر في اللغة الأكادية العربية كتاب: ملامح فقه اللهجات العربيات من الأكادية والكنعانية وحتى السبئية والعدنانية، للدكتورمحمد بهجت القيسي).
تنبيه: هكذا جاءت قراءة الغربيين لهذه المادة (كلدان) بالكاف، ولا يبعد أن تكون مأخوذة من مادة (خَلَدَ)، وليس (كلد)، وأنت على خُبرٍ بأن الغربيين لا ينطقون لفظ الخاء، بل يبدلونه بحرف الكاف.
وإذا كان من مادة خلد، فهو واضح العربية بلا ريب، ويكونون هم الخالديون، بنو خالد، الخالدي، والله أعلم.
ومادة (كلد) عربية أيضًا، وهي تدل على صلابة في الشيء، ومن اسم الحارث بن كَلَدَة الطبيب العربي المشهور (ينظر في هذه المادة: مقاييس اللغة لابن فارس).
كما أن مادة الأكاديين قد تكون قراءتها الصحيحة (عكاديين) من مادة (عكد)، ويرجع ابن فارس أصل هذه المادة إلى التجمع والتراكم. (ينظر مقاييس اللغة، مادة: عكد).
وأنت على خُبرٍ أيضًا بأنَّ قراء الغرب للغتنا لا ينطقون العين، بل يُبدلونها ألفًا.
أما (أكد) في لغة العرب، فالهمزة منقلبة من الواو، كما ذكر ابن فارس في مقاييس اللغة، مادة (أكد).
تنبيه: قد يخطر ببالك استفسار؛ هذا نصُّه:
لِمَ جعلت اللغة العربية المدونة أصلاً في فهم تلك اللغات العروبية القديمة؟
وهذا سؤال مهم جدًّا، ولعلي آتي على شيء منه في مقالة مستقلَّة أبين فيها بعض ظواهر اللغة العربية كالاشتقاق، والقلب والبدل وغيرها من الظواهر، وأنها طريق إلى فهم معاني تلك الكلمات التي في اللغات العروبية القديمة، التي قد يكون مات فيها أصل الكلمة أو معناها، وانظر على سبيل المثال تفسير (وفومها) عند الفراء في معانيه، وعنه الطبري في تفسيره، والأزهري في تهذيب اللغة.
أعود إلى موضوع المقالة، وهو عروبة إبراهيم وعبرانيته، فأقول:
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير