تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في هذا الأثر ترى أن عَمْراً اجتهد رأيه في فهم هذه الآية، وطبّقها على نفسه، فصلى بالقوم بعد التيمم، وهو جنب، ولم ينكر عليه الرسول -صلى الله عليه

وسلم- هذا الاجتهاد والرأي.

ب - وفي حديث ابن مسعود، لما نزلت آية:] الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا

إيمَانَهُم بِظُلْمٍ [[الأنعام: 82] قلنا يا رسول الله: وأينا لم يظلم نفسه، فقال: إنه

ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح] يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ

الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [[لقمان: 13]) [33]، ترى أن الصحابة فهموا الآية على

العموم، وما كان ذلك إلا رأياً واجتهاداً منهم في الفهم، فلما استشكلوا ذلك سألوا

رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرشدهم إلى المعنى المراد، ولم ينههم عن

تفهّم القرآن والقول فيه بما فهموه. كما يدل على أنهم إذا لم يستشكلوا شيئاً لم

يحتاجوا إلى سؤال الرسول. والله أعلم.

3 - دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: دعا الرسول -صلى

الله عليه وسلم- لابن عباس بقوله: (اللهم فقِّهه في الدين، وعلِّمه التأويل) وفي

إحدى روايات البخاري: (اللهم علمه الكتاب) [34].

والتأويل: التفسير، ولو كان المراد المسموع من التفسير عن النبي -صلى

الله عليه وسلم- لما كان لابن عباس مَزِيّةٌ بهذا الدعاء؛ لأنه يشاركه فيه غيره [35]، وهذا يدلّ على أن التأويل المراد: الفهم في القرآن [36]، وهذا الفهم إنما هو

رأيٌ لصاحبه.

4 - عمل الصحابة: مما يدل على أن الصحابة قالوا بالرأي وعملوا به ما

ورد عنهم من اختلافٍ في تفسير القرآن؛ إذ لو كان التفسير مسموعاً عن النبي -

صلى الله عليه وسلم- لما وقع بينهم هذا الاختلاف.

ومما ورد عنهم نصاً في ذلك قولُ صدِّيق الأمة أبي بكر - رضي الله عنه -

لما سئل عن الكلالة، قال: (أقول فيها برأيي؛ فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان

خطأً فمني ومن الشيطان) [37].

وكذا ما ورد عن علي - رضي الله عنه - لما سئل: هل عندكم عن رسول

الله -صلى الله عليه وسلم- شيءٌ سوى القرآن؟ قال: (لا، والذي فلق الحبّة،

وبرأ النسمة، إلا أن يُعطِي الله عبداً فهماً في كتابه) [38].

والفهم إما هو رأي يتولّد للمرء عند تفهّم القرآن؛ ولذا يختلف في معنى الآية

فهم فلان عن غيره.


(1) الغيث المسجم في شرح لامية العجم للصفدي، 1/ 63.
(2) المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي، 190، وانظر، ص 192، الأثر رقم 217.
(3) المدخل إلى السنن الكبرى، 191، وانظر قولاً لمسروق في جامع بيان العلم، 2/ 168، وقولاً للزهري، 2/ 169.
(4) المدخل إلى السنن الكبرى، 196.
(5) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، 2/ 71، وانظر، ص 74.
(6) جامع بيان العلم، 2/ 75.
(7) جامع بيان العلم، 2/ 77، وانظر كلام ابن بطال في هذا الموضوع في فتح الباري، 13/ 301.
(8) انظر الحديث في فتح الباري، (13/ 295).
(9) جامع بيان العلم، 2/ 168.
(10) جامع بيان العلم 2/ 169.
(11) انظر: جامع بيان العلم، 2/ 77، وفتح الباري، 13/ 310.
(12) جامع بيان العلم، 2/ 70، 71، 77.
(13) جامع بيان العلم، 2/ 170.
(14) جامع بيان العلم، 2/ 170.
(15) جامع بيان العلم، 2/ 170.
(16) الاعتصام للشاطبي، 1/ 104.
(17) فتح الباري، 13/ 303.
(18) جامع بيان العلم، 2/ 169.
(19) العلم يقابل الجهل المذكور في حدِّ الرأي المذموم، أما الهوى، فيقابله الورع؛ لأنّ الوَرَعَ يقي صاحبه من مخالفة الحقِّ.
(20) جامع بيان العلم، 2/ 70 71.
(21) جامع بيان العلم، 2/ 71.
(22) جامع بيان العلم، 2/ 71.
(23) جامع بيان العلم، 2/ 72، وانظر غيرها من الآثار، ص 69 79.
(24) لم أجد نقلاً عن أحد من الصحابة يدل على أن مذهبه كهذا المذهب الذي برز عند التابعين.
(25) تفسير الطبري (ط شاكر)، 1/ 85.
(26) تفسير الطبري (ط شاكر)، 1/ 86.
(27) فضائل القرآن لأبي عبيد، 229.
(28) فضائل القرآن لأبي عبيد، 229.
(29) انطر في ذك: الكامل للمبرد (تحقيق: الدالي) 2/ 928، 4135، تهذيب اللغة 1/ 14، إعجاز القرآن للخطابي (تحقيق: عبد الله الصديق) 42.
(30) انظر: تفسير الطبري (ط شاكر)، 1/ 82 - 83.
(31) التحرير والتنوير، 23/ 252.
(32) مسند الإمام أحمد، 4/ 203، 204، وأبو داود برقم 335، وانظر تفسير ابن كثير،
2/ 480، والدر المنثور، 2/ 497.
(33) أخرجه البخاري في أكثر من موضع، كتاب الإيمان ح/32، أحاديث الأنبياء/3360، 3428.
(34) انظر: فتح الباري، 1/ 204، وانظر شرح ابن حجر، 1/ 204 205.
(35) انظر: تفسير القرطبي، 1/ 33، وجامع الأصول، 2/ 4.
(36) انظر: فتح الباري، 1/ 205.
(37) انظر قوله في تفسير الطبري، (ط شاكر)، 8/ 53، 54.
(38) رواه البخاري، (فتح الباري، 1/ 246) وغيرها من المواضع التي ذكرها لهذا الحديث.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير