تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هشام بن حسَّان زوج أمِّه. ولكن الشأن في الراوي عنه وهو شيخ أبي يعلي، فقد قال ابنُ حبان: "ربما أخطأ". وقال الأزديُّ: "حدَّث بأحاديث لا يتابع عليها" وقال البيهقيُّ: "غيرُ قويٍّ". وقد وثقه الخطيب، ولو وجدنا له متابعًا لأمكن حمل روايته على معنى مقبول ذكرتُهُ في "تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر في كتب الأماجد" (2003) لا يتسع المجال هنا لذكره.

3 أما الراوي الثالث الذي رواه عن ابن سيرين، فهو عبد الله بن عون. فأخرج هذه الرواية: النسائيُّ (5 - 98) من طريق النضر بن شميل، عن عبد الله بن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة فذكره موقوفًا. ولا تخالف بين روايته ورواية الرفع لما قدمنا أن ابن سيرين كان يرفعه ويوقفه، وليست هذه علة تقدح في الرواية. فهذا ما يتعلق بحديث أبي هريرة، وهو صحيحٌ لا ريب في ذلك، وقد اتفق عليه الشيخان من رواية ابن سيرين عنه.

أمّا حديثُ أنسٍ رضي الله عنه، فأخرجه النسائيُّ في "التفسير" (11433 الكبرى) قال: أخبرنا الربيع بن محمد بن عيسى، ثنا آدم هو ابنُ أبي إياس، ثنا شيبان بن عبد الرحمن أبو معاوية، ثنا قتادة، عن أنسٍ مرفوعًا: "يجمع الله المؤمنين يوم القيامة ... فذكر حديث الشفاعة، وفيه: "فيأتون إبراهيم، فيقول: إني لست هناكم، ويذكرُ كذباته الثلاث: قولُهُ: (إني سقيمٌ) وقوله: (فعله كبيرهم هذا) وقوله لسارة حين أتى على الجبار، أخبري أني أخوك، فإني سأخبرُ أنا أنك أختي، فإنَّا أخوان في كتاب الله، ليس في الأرض مؤمنٌ ولا مؤمنة غيرنا ... الحديث". وإسنادُهُ قويٌّ. وشيخ النسائي لا بأس به كما قال تلميذه النسائيُّ وبقية رجال الإسناد ثقاتٌ معروفون وأمّا حديث أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه مرفوعًا فذكر حديث الشفاعة وفيه: "فيأتون إبراهيم ... فيذكره بنحو حديث أنسٍ الفائت. أخرجه الترمذيُّ (3148) قال: حدثنا ابنُ أبي عمر. وأخرجه أبو يعلي (1040) قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسيّ قالا: ثنا سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا، وقل اختلف في إسناده، فرواه حماد بن سلمة، عن علي بن زيد عنه أبي نضرة، عنه ابن عباسٍ مرفوعًا فساق حديث الشافعة بطوله.

أخرجه أحمد (1 - 281 282) قال: حدثنا عفان بن مسلم، وأيضًا (1 - 295 296) قال: حدثنا حسن بن موسى. وأبو يعلي (2328) قال: حدثنا هدبة بن خالد والبيهقيُّ في "الدلائل" (5 - 481 483) عن هدبة وأبي داود الطيالسيّ قال أربعتهم: ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بهذا الإسناد.

جعله من "مسند ابن عباس"، وعلي بن زيد بن جدعان ضعيفُ الحديث، والحديث عندي من "مسند ابن عباسٍ" أشبه، ورواية حماد بن سلمة عن علي بن زيد متماسكة كما يشير إلى ذلك قول أبي حاتم الرازي أن حماد بن سلمة كان أعرف بحديث علي بن زيدٍ من غيره، وهذا لا يعني تصحيح حديثه كما لا يخفى والله أعلم.

قُلْتُ: فقد ظهر لك أيها المسترشد أن الحديث صحيحٌ على طريقة أهل الحديث الذين هم فرسان هذا الميدان، وإليهم فيه المرجع والشأن.

الوجه الثالث: أن العلماء الذين مرَّ عليهم هذا الحديث قبل أن يخلق الفخر الرازي فسروه تفسيرًا مستقيمًا، ولم ينصبوا التعارض فيه بين صدق إبراهيم عليه السلام وصدق الرواة. فقال الحافظ في "الفتح" (6 - 392): "قال ابنُ عقيل: دلالة العقل تصرف ظاهر إطلاق الكذب على إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقًا به، ليعلم صدقُ ما جاء به عن الله عز وجلَّ، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه، وإنما أطلق ذلك عليه لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر من إبراهيم عليه السلام إلا في حال شدة الخوف لعلوِّ مقامه، وإلا فالكذبُ المحضُ في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعًا لأعظمهما، وأمَّا تسميته إياها كذباتٍ، فلا يريد أنها تذمُّ، فإن الكذب وإن كان قبيحًا مخلا، لكنه قد يحسنُ في مواضع، وهذا منها". انتهى. وهذا ما يُسمى عند العلماء بالمعاريض وهي مباحةٌ. وقد حاول الفخر الرازي عند تفسيره لقوله تعالى: بل فعله كبيرهم هذا أن يتخلص من دلالة الآية على معنى التعريض بوجوهٍ ضعيفةٍ وقد قال (22 - 186) وهو يذكر هذه الكذبات: "وإذا أمكن حمل الكلام على ظاهره من غير نسبة الكذب إلى الأنبياء عليهم السلا، فحينئذٍ لا يحكم بنسبة الكذب إليهم إلا زنديق". انتهى. ونحن نقول له: المسألة لفظية لا حكمية، ولا يوجد مسلمٌ بحمد الله يجرؤ على تكذيب نبيٍّ، ولم يقل بهذا واحدٌ قط، فإذا كانت المسألة لفظية فما الذي حمل الفخر الرازي على ردِّ الحديث بمثل هذه الشقاشق؟!

الوجه الرابع: " ... أولى من صون طائفةٍ من المجاهيل .. ".

والمجهول عند أهل الحديث قسمان: أحدهما مجهول العين، وهو من لم يرو عنه إلا واحدٌ. والثاني: مجهول الحال وهومن لم يأت فيه توثيق معتبرٌ، فإذا علمت ذلك؛ فقد روى هذا الحديث: أبو هريرة، ومحمد بن سيرين، والأعرج، وأبو الزناد، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن إسحاق، وورقاد بن عمر، وأيوب السختياني، وهشام بن حسان، وعبد الله بن عون وحماد بن زيد، وجرير بن حازم وغيرهم ممن ذكرنا، فمن من هؤلاء يمكن إطلاق اسم الجهالة عليه وهم أئمةٌ ثقاتٌ معروفون؟!

فاللهم غفرًا. وللفخر الرازي مواضع في "تفسيره" أنكر فيها أحاديث صحيحة لعلنا نتعرض لبعضها إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين.

http://www.altawhed.com/Detail.asp?InNewsItemID=134888

وللفائدة

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=1584

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير