تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواب: من نظر في الأحاديث؛ وجد حديث سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ عند مسلم وغيره أن رجلاً عطس عند رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال: " يرحمك الله " ثم عطس أخرى فقال: " الرجل مزكوم " وفيه اختلاف على عكرمة بن عمار، لكن الأكثر رووه عنه بهذا اللفظ, وفي حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعًا وموقوفًا: " شَمِّتْ أخاك ثلاثًا , فما زاد فهو زكام " والرفع زيادة ثقة , لكن في السند علة أخرى , وروي من طريق أخرى فيها سليمان بن أبي داود الحراني , وهو إلى الوهاء أقرب , ومن مرسل أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزام، وهو مرسل صحيح , أن الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال: " إن عطس فشمتوه , ثم إن عطس فشمتوه , ثم إن عطس فشمتوه , ثم إن عطس فقل: إنك مضنوك " , قال عبد الله بن أبي بكر الراوي عن أبيه: لا أدري أبعد الثالثة أم الرابعة؟ وهناك آثار أخرى , فالراجح عندي: أن ترك التشميت بعد ثلاث زيادة مقبولة يتعين العمل بها , وانظر ما جاء في " فتح الباري " (10/ 605 - 606).

وأما قول الجليس بعد الثلاث: شفاك الله؛ فلا أعلمه مرفوعًا ولا موقوفًا , إنما هو من قول بعض الشافعية , نقله عنه ابن دقيق العيد , وَوَجْهُهُ أن الرجل مريض يحتاج إلى دعاء بالعافية والشفاء , انظر "الفتح". وعندي أن ما جاء في السُّنه أولى , ولا ينبغي أن نلتزم بعد الثلاث دعاء معينًًا كي لا يُظَنَّ أنه سنة , ويكون بعد ذلك ذريعة للابتداع في الدين. والله أعلم.)

قلت - والله تعالى أعلم - الأصل في الأذكار التوقف , وتحديد ذكر معين يحتاج إلى دليل صحيح , وبما أنه لم يثبت في ذلك نص , فيدعى له بالعافية دون تحديد لفظ معين إلا بدليل ثابت.

قال العلامة الألباني (أصل صفة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:3/ 943): (فإن الأذكار والأوراد توقيفية؛ لا يجوز الزيادة عليها، كما لا يجوز النقص

منها، أو تغيير شيء من ألفاظها، وقد دلَّ على ذلك السنة؛ كما في " الصحيحين " (1) 1من

حديث البراء بن عازب قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إذا أتيت مضجعك؛ فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن،

وقل: اللهم! أسلمت وجهي إليك ... " الحديث، وفيه:

" آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت ".

قال البراء: فقلت أستذكرهن: وبرسولك الذي أرسلت. قال:

" لا، - وفي رواية الترمذي، وصححه (2/ 240 - طبع بولاق)، والطحاوي في

" المشكل " (2/ 45) قال: فطعن بيده في صدري، ثم قال: - وبنبيك الذي أرسلت ".

قال الحافظ في " الفتح " (11/ 94):

" وأولى ما قيل في الحكمة في رده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على البراء: أن ألفاظ الأذكار توقيفية، ولها

خصائص وأسرار لا يدخلها القياس؛ فيجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به، وهذا

اختيار المازري؛ قال: فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك

الحروف، ولعله أوحي إليه بهذه الكلمات؛ فيتعين أداؤها بحرفها ".

وهذه قاعدة عظيمة يجب مراعاتها في جميع الأذكار والأوراد المروية عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أن

لا يزاد فيها ولا ينقص، ولا يتصرف فيها بتغييرأي لفظ؛ لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أنكر على من

غير لفظ: (النبي) بلفظ: (الرسول)، مع أنه لم يغير شيئاً من المعنى؛ لما تقرر أن الرسول

أعم من النبي، فالرسول نبيٌّ وزيادة، فإذا كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أنكر ذلك - وليس فيه إلا

استبدال لفظ بلفظ -؛ فلأن ينكر على من زاد زيادة باللفظ والمعنى من باب أولى) ا. هـ

من يكره التشميت هل يشمت؟

هناك من الناس من ملء الكبر قلبه , وانغمس التجبر في فؤاده , فلا يحب أن يشمت , أوان ينال الفضائل العظيمة في التشميت , فماحكم تشميت أمثال هؤلاء؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير