نعم هو اجتهاد من الشيخ شاكر رحمه الله ...
لكنه لاشك ما حكم بوضع هذه الروايات أو ضعفها إلا بعد نظر فيها .. فكان حكمه فيها بالوضع والضعف ..
ثم حكمه أنها زلة لابن حجر .. يغفرها الله له.
ولا يخفى على إخواننا الفضلاء .. رأي العلماء والمحدثين من قبل الشيخ شاكر ومن بعده، ومن قبل ابن حجر ومن بعده ... من الذين وقفوا مع الروايات فلم يجدوا فيها إلا الضعف والإرسال، والشك.
ليس ابن حجر رحمه الله وحده الذي وقف عندها.
كابن كثير رحمه الله (تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية) قال:
(قد ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغرانيق ... ولكنها من طرق كلها مرسلة ولم أرها مسندة من وجه صحيح)
وقال: (وقد ذكرها محمد بن إسحاق في السيرة بنحو من هذا وكلها مرسلات ومنقطعات)
وكذلك قال القرطبي في تفسيره: الأحاديث المروية في نزول هذه الآية ليس منها شيء يصح.
ونقل عن النحاس قوله (هذا حديث منقطع وفيه هذا الأمر العظيم .. )
قال القرطبي: وأقطع من هذا ما ذكره الواقدي ...
وقال القرطبي بعد ذكر تأويلات بعض العلماء للرواية: (وضُعفُ الحديث مغن عن كل تأويل والحمد لله)
وقال النحاس في رد رواية الواقدي: هذا حديث منكر منقطع ولا سيما من حديث الواقدي. وقال ابن عطية وهذا الحديث الذي فيه "هي الغرانيق العلا" وقع في كتب التفسير ونحوها ولم يدخله البخاري ولا مسلم ولا ذكره في علمي مصنف مشهور)
أ. هـ. من تفسير القرطبي.
وقال الكرماني كما نقل عنه الحافظ في الفتح ج8 (ما قيل أن سبب ذلك إلقاء الشيطان في أثناء قراءته ... لا يتجه عقلاً ولا نقلاً).
وفي زاد المسير: قال العلماء المحققون وهذا لا يصح لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم عن مثل هذا.
وقال الشوكاني في فتح القدير: (ولم يصح شيء من هذا ولا ثبت بوجه من الوجوه ومع عدم صحته بل بطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه، قال الله (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِاليَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) وقوله (ومَا يَنْطِقُ عن الهوَى) وقوله (ولَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) فنفى المقاربة للركون فضلا عن الركون.
قال البزار: هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل.
وقال البيهقي: "هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل" ثم أخذ يتكلم أن رواة هذه القصة مطعون فيهم. وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: إن هذه القصة من وضع الزنادقة.
قال القاضي عياض فى الشفاء إن الأمة أجمعت فيما طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه لا قصدا ولا عمدا ولا سهوا ولا غلطا)
وأورد الشوكاني الروايات المختلفة وبين إرسالها .. فقال: روى ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم هذه الرواية عن سعيد بن جبير مرسلة.
وكذا رواه ابن أبى حاتم عن أبى العالية والسدى عن سعيد مرسلاً.
ورواه عبد بن حميد عن السدى عن أبى صالح مرسلاً.
ورواه ابن أبى حاتم عن ابن شهاب مرسلاً.
وأخرج ابن جرير عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام نحوه مرسلاً أيضا.
وقال بعد سرده لهذه الأسانيد: والحاصل أن جميع الروايات في هذا الباب إما مرسلة أو منقطعة لا تقوم الحجة بشيء منها، ....
ورد هذا الحديث الحافظ عبد العظيم المنذري من جهة الرواة (علي القاري: شرح الشفا ص 85 ج4
وابن حزم في "الفِصَل في الملل والأهواء والنحل" قال:
"والحديث الكاذب الذي لم يصح قط في قراءته عليه السلام في (والنَّجْمِ إِذَا هَوَى) وذكروا تلك الزيادة المفتراة: "وإنها لهي الغرانيق العلا وأن شفاعتها لترتجى ... "
ثم قال: "وأما الحديث الذي فيه الغرانيق، فكذب بَحْتٌ موضوع، لأنه لم يصح قط من طريق النقل، ولا معنى للاشتغال به، إذ وَضْعُ الكذب لا يعجز عنه أحد.
وقال القاضي عبد الجبار في "تنزيه القرءان عن المطاعن":
" ... لا أصل له، ومثل ذلك لا يكون إلا من دسائس المُلْحِدَة"
وقال أبو حيان الأندلسي رحمه الله (توفي سنة 745هـ) ( ....... وهذه الآية ليس فيها إسنادُ شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما تضمنت حالة من كان قبله من الرسل والأنبياء إذا تمنوا .... )
كما نقل عنه الأستاذ محمد الصادق عرجون في كتابه (محمد رسول الله).
¥