فرأي الفقهاء في هذه المسألة هو رأي القراء، فالفقهاء يرون أنه لا يجوز قراءة آية أو آيات مرتبطة معنى بقراءات مختلفة فإن تم المعنى جاز أن تقرأ بقراءة أخرى من المتواتر. وحجتهم في هذا أمران: أحدهما أن المحافظة على المعنى واجبة واختلاف القراءات قد يترتب عليه الاختلاف في المعنى وليس كل قارئ للقرآن يعرف ما يخل بالمعنى مما لا يخل به فلذلك منعوا الجمع بين القراءات فيما كان مرتبطاً معنى وأجازوه فيما سوى ذلك.
والأمر الثاني أن الأمة متفقة على أن القراءة سنة متبعة لا تجوز مخالفتها نقل ذلك غير واحد من أهل العلم خلفاً عن سلف. ويستثنى من هذا الجمع الذي يفعلونه عند المدارسة والتعليم اعتماداً على أن الشيخ سيكون عارفاً بما يغير المعنى ولضرورة التعليم.
وانظر المجموع للنووي ج3صـ359 والتبيان في آداب حملة القرآن له أيضاً والفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ج13صـ404 وفتاوى شيخ الإسلام زكريا الأنصاري.
وكذلك التجويد فالأخذ به واجب وقد نقل غير واحد الإجماع على ذلك والدليل على ذلك قوله الله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلاً) [المزمل:4] ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
ومما يدل على وجوب مراعاة التجويد في الجملة ما في المعجم الكبير وسنن سعيد بن منصور ومجمع الزوائد وقال الهيثمي رجاله ثقات، أن رجلاً قرأ عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) [التوبة:60] مرسلة فقال ابن مسعود ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وكيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أقرأنيها: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) فمدّها. وفي رواية: فمدوها. فعبد الله بن مسعود أنكر على ذلك الرجل قراءته لكلمة (للفقراء) بدون مد مما يدل على أن القراءة عندهم سنة متبعة لا يترخصون في مخالفتها.
وهذا أمر معلوم عند عامة أهل العلم وانظر ما شئت من كتب التجويد والقراءات وكتب الفقه عندما يتكلم الفقهاء على القراءة في الصلاة وشروط صحة الإمامة.
والله أعلم
ـ[ابو اسحاق العوفي]ــــــــ[15 - 03 - 07, 01:16 ص]ـ
ما اجمل هذه العباره
3 - إذا توفر لدينا الامام المتقن العالم بهذه الشروط السليم من الرياء بهذا الفعل لن يتوفر لدينا المامومين الذين يعلمون فعل الامام ولا يحدث لهم لبس او رد للامام بظن الخطأ
ـ[أبو حفص السعدي]ــــــــ[19 - 03 - 07, 12:52 م]ـ
للرفع ..
ـ[أبو يوسف السوفي]ــــــــ[26 - 03 - 07, 01:45 ص]ـ
جازاك الله خيرا ياشيخنا عبد الرحمان على طرح هذا الموضوع
وجازاك الله خيرا أخي عبد الحميد محمد على هذا التفصيل الرائع خاصة مسألة افتتان المأمومين وهذا مما وقع بالفعل ليس فقط عند الجمع بين القراءات بل حتى بالقراءة برواية لا يعرفها المصلون ولم يسمعوا بها على الإطلاق فأول ما يكون من ردة فعل: التصحيح للإمام أو الإنكار الشديد - هذا متعلق بالعوام - أما إذا كان الأمر يتعلق بطلبة العلم أو المتعلمين فلا أظن أن في ذلك ضير إذا روعيت الشروط المذكورة والسلام عليكم
ــــــــــــ
لي في محبتكم شهود أربع **** وشهود كل قضية إثنان
خفقان قلبي وارتعاش مفاصلي ****ونحول جسمي وانعقاد لساني
ـ[حارث همام]ــــــــ[27 - 03 - 07, 02:26 م]ـ
شكر الله لكم للشيخ عبدالرحمن وكثر الله فوائد الشيخ أبي خالد، وعظم الأجر لمن شارك.
وأقول لأخي عبدالحميد هذه وقفات عجلة هي إشارات تكفي مثل من كان في فطنتكم:
أولاً: لا تعارض بين الفتوتين فالأولى في خلط القراءة والثانية في جمع القراءة، والفرق بين الأمرين قد قد سبق من أبي خالد ما ينبه عليه فتأمله في مشاركته ما أورده تحت الرقم (2). فقول شيخ الإسلام واحد لاتعارض فيه فيما يظهر، وما استله الشيخ رياض -حفظه الله- من كلام شيخ الإسلام في ذلك المقام الذي أورده فيه غير موفق فيما يظهر والله أعلم.
ثانياً: التعويل في المنع إن فرض التعارض إنما هو على الدليل الحاظر، وقد أمر الله بقراءة القرآن وترتيليه ولم يقيد منعاً له بنحو ما يمنع به بعضهم ما يسميه تلفيقاً مطلقاً.
ثالثاً: معرفة ترتب إحدى القراءتين على الأخرى مراتب، منه الظاهر الذي يعلمه العامي ومنه ما هو دون ذلك، ثم إن الخطأ في هذا كالخطأ في إعراب القراءة الواحدة فلئن كان العامي قد يغلط في القراءة الواحدة فيرفع ما حقه النصب مثلاً، وقد يغتفر له ذلك فكذلك فيما إذا لفق قد يخطئ في تلفيقه وقد يغتفر له ذلك، ولهذا فإن جواب شيخ الإسلام الذي نقله الشيخ عبدالرحمن من الدقة والتحقيق بمكان على اختصاره.
رابعاً: مراعاة ما جرى به العمل قد ترتب ما هو أكثر من ذلك كترك القراءة بغير القراءة المشتهرة أصلاً، ولله كم من فتنة حدثت بسبب اختيار قراءة غريبة على أهل البلد وقد رأيت مشاكل قد نشأت بسبب هذا في أكثر من بلد عربي فضلاً عن غيرها. فهل هذا ينقض حكم الجواز من حيث الأصل دون اعتبار المفسدة؟
ثم إن الشأن ليس في هل الذي ينبغي أن لايفعل هذا أو يفعله، لكن الشأن إذا فعله فما حكم صلاته؟
والشأن كذلك في أصل حكم التلفيق ما هو؟
وأنت تعلم أن الجائز والمباح قد يمنع منه أو يندب إليه باعتبارات خارجة عن أصل الحكم، والكلام هنا في تقرير أصل الحكم.
والإشكال الذي قد يرد على المأمومين يرد على هذا وعلى القارئ بالتلفيق سواء، وكذلك في الأخذ عن القارئ والطريف أن بعضهم يدخل في دور فيجعل حجته على المنع ما حاصله زعم المنع! فيجعل هذا التلفيق الصحيح سبيلاً للافتتان إذ قد يحفظ العامي ما سمع من كلمات فيدخلها في القراءة التي يحفظ، وهذا عجيب فلو سلم له بأن هذه فتنة لما كان الخلاف في المسألة، فما الإشكال في نحو ما منعوه إن كان صحيحاً وكله كلام رب العالمين؟!
وجزاكم الله خيراً ..
¥