تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما أفهمه من ردكم الأول، إقراركم التفريق بين كل من الجمع والتلفيق. بغض النظر عما إذا كان ثم تعريف جامع مانع أو لم يكن، المهم وجود تعريف أو وجود اصطلاح كما أشرتم في النقطة الثانية من الرد الأول، واصطلاح الجمع غير التلفيق الذي كان مقال الشيخ عنه.

فإذا تقرر هذا وكان حديث شيخ الإسلام في موضع عن لفظ وفي موضع آخر عن لفظ آخر فليس لنا أن نسوي بينهما ثم نحكم على كلام الإمام بالتعارض أو نحكم عليه بالرجوع.

ثم إن جوابه الأول الذي نقله الشيخ السديس ظاهر في ما يسمى التلفيق أو التركيب، وظاهر أنه لايتعرض للجمع المصطلح المعروف من نص الجواب قال رحمه الله: " يجوز أن يقرأ بعض القرآن بحرف أبى عمرو وبعضه بحرف نافع، وسواء كان ذلك في ركعة أو ركعتين".

وأما الثاني فعن جمع القراءات مطلقاً سواء في الصلاة أو غيرها، والجمع مصطلح معروف كما ذكرت ليس هو قراءة ركعة بحرف أبي عمرو، وركعة أخرى بحرف آخر.

فلا أدري أي وجه لمعارضة فتواه الأولى بفتواه الثانية؟

ثم يقال:

لو لم يكن الجمع مصطلحاً معروفاً لما كان موفقاً من حمله على معنى الجواب الأول ومقتضى العدل أن يترك رمي الشيخ بالتعارض وأن يفسر هذا الجمع بما لايتعارض مع الجواب الأول، بغض النظر عن موافقة الإمام بعد أو مخالفته، لكن دون اعتساف في حمل كلامه وضرب بعضه ببعض.

وأما هذه المصطلحات فالخلط بين الشيخ أبو خالد إطلاقه بمعنيين، وحاصله إطلاقه بمعنى الجمع وإطلاقه بمعنى التركيب، أو التلفيق.

وشيخ الإسلام فيما نقل عنه لم يستعمل مصطلح الخلط بل عبر تعبيراً دقيقاً، أما الأولى فقد وصف فيها التركيب أو التلفيق، وأما الثانية فقد ذكر فيها الجمع، وهذا كلام مميز واضح.

فسقط إذاً معرضة فتواه الأولى بالثانية إذ لاتعارض والحمد لله.

وقولك حفظك الله: " فإن تساوت الثلاثه فلا حجة لك فيما ذكرت ويبقى التعارض وإن اختلفت الثلاثه لا نجد دليلا واحدا على ان النبى صلى الله عليه وسلم فعل هذه الثلاثه وفرق بينها".

فلعل الحجة ظاهرة سواء إن تساوت الثلاثة أو اختلفت، لأنه وصف في جواب الأول ما لم يوصف في الجواب الثاني، ولم يستعمل لفظاً واحداً في كلا الفتويين، بل التعبير في الأولى يميزها عن الثانية.

أما إن اختلفت فدل ذلك على أن فتوى شيخ الإسلام غير متعارضة ولا متضاربة.

أما هل هي صحيحة أو لا، فأنت تخالفه فيها، ودليل صحة المخالفة فيما أفهم من كلامكم هذا وغيره هو:

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل التلفيق أو التركيب أو الجمع، ولنترك الكلام عن الجمع ولنتحدث عن موضع الخلاف التركيب أو التلفيق.

فيقال للمخالف وهل لديك دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قرأ في الصلاة برواية حفص وحدها وقد أفردها!!!

بل يقال وردت القراءة بما تيسر مما يسمى قرآناً، وهذا تستوي فيه الطريق الواحدة، والرواية الواحدة، والقراءة الواحدة، مع تلفيق أي منها ومع إفرادها، وليس ثم دليل –فيما يظهر- يميز فعل هذه دون هذه.

وأما كون التلفيق أو التركيب مختلف فيه فلا تحتاج إلى أن تستدل عليه بكراهتهم الجمع، فقد نص بعض أهل العلم كالجعبري على كراهته وإن لم يتغير المعنى جراء التركيب، وهؤلاء قد خالفهم آخرون بل كما قال ابن الجزري خالفهم في الحكم بالكراهة جمهور المحققين، فكيف يستدل على المنع بخلاف بعضهم!

وأما الجمع فليس في النقل المسرود عن السيوطي ما يبين كراهتهم له بل بين استقرار العمل عليه خارج الصلاة، وأما المنع منه فلغير المتقن، وقد فصل شيخ الإسلام في حكمها خارج الصلاة تفصيلاً حسناً وقد نقلتموه.

وكان الأولى أن تستدل –إن صح مثل هذا أن يسمى استدلالاً- بفتوى شيخ الإسلام التي نقلها الشيخ رياض في المنع كراهة داخل الصلاة.

على أن بين الجمع وبين ما أجازه الشيخ فرق ظاهر، فالجمع التزام طريق لم يرد به الشرع، وذلك ليس فيه هذا الالتزام، ولو سئل الشيخ عن من يلتزم تركيباً بطريقة معينة فلعل جوابه يختلف، ثم إن في تكرار الآيات في الفريضة كالنافلة خلاف، لكن لعل الصحيح المنع منه في الفرض لعدم وروده، وجوازه في النافلة وعلى هذا فتوى بعض كبار أهل العلم، وبعضهم جعل تكراراها في الفاتحة قاطع للموالاة أثناء قراءتها، وإذا لوحظ هذا المعنى ولو في الرواية الواحدة علم الفرق بين الجمع وبين التركيب، إذ ليس في الأخير هذا المحذور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير