قال أبو أحمد: وسمعت أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة يقول: كان ابن خراش في الكوفة إذا كتب شيئا من باب التشيع يقول لي: هذا لا ينفق إلا عندي وعندك يا أبا العباس.
قال أبو أحمد: وسمعت عبد الملك بن محمد أبا نعيم يثني على ابن خراش هذا وقال: ما رأيت أحفظ منه، لا يذكر له شيخ من الشيوخ والأبواب إلا مر فيه.
قال أبو أحمد بن عدي رحمه الله: وابن خراش هذا هو أحد من يذكر بحفظ الحديث من حفاظ العراق، وكان له مجلس مذاكرة لنفسه على حدة وإنما ذكر عنه شيء من التشيع كما ذكره عبدان، فأما الحديث فأرجو أنه لا يتعمد الكذب.
وقال الذهبي رحمه الله في ميزان الاعتدال 5014 قال أبو زرعة محمد بن يوسف الحافظ كان خرج مثالب الشيخين وكان رافضيا، وذكر الذهبي سؤال عبدان له عن حديث مالك بن أوس ثم قال (أي الذهبي) لعل هذا بدأ منه وهو شاب فإني رأيته ذكر مالك بن أوس بن الحدثان في تاريخه فقال ثقة، ثم ذكر الذهبي قصة الجزأين مع بندار ثم قال هذا والله الشيخ المعثر الذي ضل سعيه فإنه كان حافظ زمانه وله الرحلة الواسعة والإطلاع الكثير والإحاطة وبعد هذا فما انتفع بعلمه فلا عتب على حمير الرافضة وحواثر جزين ومشغرا.
وذكره ابن الجوزي رحمه الله تعالى في الضعفاء والمتروكين 1912 فهو ضعيف متروك عنده.
أخي يوسف ومما يدلك على صحة ما أقول من تحامل ابن خراش ماجعتك لترجمة أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي، من الحفاظ الثقات، كذبه ابن خراش، قال الذهبي رحمه الله تعالى: وقد آذى بذلك نفسه.
والخلاصة أخي يوسف أن ابن خراش في أصله مجروح لا يحل الاحتجاج به، وهو مسرف جدا تكلم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحري أن لا يعتد بقول من هذه حاله.
7* قول أبو أحمد الحاكم رحمه الله تعالى ذاهب الحديث لا يعني أنه كذاب بل يعني أنه لا يلتفت إلى حديثه بمعنى قولنا متروك وقد بينا فيما مضى أن الترك شيء والكذب شيء آخر.
أخي الكريم يوسف، ذاهب الحديث هي عبارة جرح شديد تتجاذب بين الترك والتكذيب حتى عند الإمام الواحد أحيانا، لكن الأعم الأغلب أنها تدل على ذهاب حديثه أي أن حديثه لا شيء، أي تفيد الترك، أخي يوسف إذا عرفت هذا فهنا مسألة مهمة وهي أننا عند النظر في حال الراوي علينا مرعاة كلام الأئمة وعرض بعضه على بعض ودفع التعارض بينه ما أمكن، فإذا رأينا راو الجمهور على تضعيفه جدا وتركه ولم يتهمه أحد ورأينا أحدهم قال فيه ذاهب الحديث، فهل من المعقول أن نعارض كلامه بكلامهم ونقول تركوه وكذبه فلان أم الأولى أن نحمل قوله ذاهب الحديث على الترك، وهذا موافق لكلامهم واللغة لا تأباه من حيث المعنى.
فائدة واستطراد:
ومثل هذا الأمر إذا وجدت عن إمام كبير قولين متعارضين الأول موافق لقول الجمهور والثاني مخالف له، فالأولى أن تنسب إلى هذا الإمام ما يليق به من القول الموافق لغيره وأن تجعل قوله الثاني عُرضة لخطأ النقل أو النسخ وغير ذلك، والله تعالى أعلم.
ومما يدل على أن قولهم ذاهب الحديث جرح ضبط لا جرح عدالة:
1 - قال أبو عيس الترمذي رحمة الله عليه في الجمعة في باب ما جاء في استقبال الإمام إذا خطب بع أن ساق الحديث: وحديث منصور لا نعرفه إلا من حديث محمد بن الفضل بن عطية ومحمد بن الفضل بن عطية ضعيف ذاهب الحديث عند أصحابنا.
2 - وقال أيضا في الطلاق واللعان في باب طلاق المعتوه بعد أن ساق الحديث: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان وعطاء بن عجلان ضعيف ذاهب الحديث.
3 - وقال أيضا في الاستئذان والآداب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في باب ما جاء في السلام قبل الكلام: وسمعت محمدا يقول عنبسة بن عبد الرحمن ضعيف في الحديث ذاهب.
وللاستزادة راجع تراجم هؤلاء في الجرح والتعديل:
جراح بن المنهال، خالد بن عبد الرحمن المخزومي، داود بن الزبرقان، داود بن المحبر، ربيع بن بدر،
سليمان بن أرقم، عمر بن أبي بكر العدوي، موسى بن مطير، نافع أبو هرمز. وغيرهم كثير يطول ذكرهم.
أقول والأولى ههنا حمل هذا التركيب على الترك لا على الوضع، لموافقته لقول غيره من الأئمة رحمة الله عليهم
ومما يدلك على أن قول أبو أحمد الحاكم رحمه الله تعالى ذاهب الحديث يعدل قول غيره متروك في الغالب هو مطالعتك لتراجم هؤلاء:
¥