تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهناك يتساءل المرء - على سبيل المثال-: كيف يمكن إدراك ودراسة أفكار المتأخرين من المفكرين المسلمين مثل سيد قطب، أو محمد عبده وأمثالهما بغير معرفةٍ عميقة بأصول الدين الإسلامي، والفقه وغيرها من العلوم الإسلامية؟!

فالاستشراقُ الأصيل إذاً يعودُ إلى الأصول، ويدرسها دراسةً واسعة، ويُحاول الاقترابَ من منهجيتها عبر القرون. أَمَّا الاستشراق الحديثُ فهو اليوم بِمثابةِ علمِ الصحافةِ، والعلوم الاجتماعيةِ الأخرى، اللهمَّ إلا القليلِ النادر منه.

شبكة التفسير: ما سبب اهتمامك بالتراث المالكي المغربي؟

د. موراني: هذا السؤال قد يَخرجُ في موضوعه عن إطارِ الأسئلةِ الأخرى، ومع ذلك فأقول: إنه لم يكن هناك سبب بعينه , بل كان انطلاقي إلى مكتبة القيروان مجرد صدفة إن صح التعبير! إذ كان أستاذي المشرفُ - رحمه الله- متخصصاً في الحضارة الإسلامية في أفريقيا وخاصة في الأندلس، ونبهني إلى أن هناك مجموعة من المخطوطات بالقيروان لم يشتغل بها أحد (وذلك في منتصف السبعينات). فعندما واجهت صعوبات كثيرة للحصول حتى على ورقة واحدة على الرَّقِّ من هذه المَجموعةِ تَمسكتُ بالغايةِ واتصلتُ بعدةِ جهاتٍ حتى فُتحت لي أبوابُ المكتبة أولاً في المكتبة الوطنية بتونس (إلى حيث نقلت المخطوطات بأمر رئيس الجمهورية) , وبعد ما نقلت المجموعة مرةً أخرى إلى مكانها الأصلي إلى القيروان , وذلك أيضاً بأمر رئيس الجمهورية الذي تراجع عن قراره الأول بسبب الاحتجاجات الشديدة من جانب أهل القيروان الذين اعتبروا القرار الأول غير شرعيٍّ؛ لأَنَّ المخطوطات كانت وَقفاً على الجامع الكبير بالقيروان، وأنا شخصياً كنت من هؤلاء المحتجين وقتذاك.

وبعد أن رأيتُ قيمة هذه المجموعةِ من المخطوطات ركزتُ جهدي على دراسةِ بعضها , وخاصة البحث عن كتب عبدالله بن وهب المصري، وكتب عبد الملك بن حبيب الأندلسي وتحقيقها ودراستها. وعامة على الكتب الفقهية المؤلفة في الفترة ما بين تأليف الموطأ لمالك بن أنس، والمدونة لسحنون.

ورأيتُ أَنَّ هناك علاقات بين القيروانِ ومدينة فاس بالمغرب، خاصةً في ميدان رواية المدونة لسحنون، ولهذه العلاقات آثار أيضاً عند الأندلسيين يمكن سردها من خلال المخطوطات وليس من خلال كتب الطبقات المعنية فحسب.

ونظراً إلى أهمية هذه المخطوطات التي تَمَّ نسخُها في القرنين الثالث والرابع الهجريين جَمعتُ هذه التحفَ التراثية في المكتبة القيروانية، والمكتبات المغربية في مُصوراتٍ رقميةٍ، وأدخلتُها مُرتَّبةً في الحاسوب الآلي؛ وذلك للقيامِ بِمَشروعٍ جديدٍ - وهو قد يكون الأخير لي- وهو: إحياءُ أُمَّهات الكتبِ المالكيةِ ونشرها. ومشروع (المكتبة الرقمية للتراث المالكي) يشتمل على أهم الكتب المخطوطة للمذهب المالكي التي تم تأليفها في الفترة ما بين تأليف الموطأ والمدونة إلى أواخر القرن الرابع الهجري، بما في ذلك المختلطة لسحنون إلى جانب المُدَوَّنة , ومختصر المدونة، والمختلطة لابن أبي زيد القيرواني الذي لم يُنشر إِلا الجزءُ الأخير منه , وهو الجامع.

وقد سبق لي أن أشرتُ إلى قلةِ اهتمام الطلبة , أو بِمعنىً أصح:عدم اهتمامهم بهذه الجوانب العلمية في الاستشراق المعاصر , وهو أمرٌ يجعلُ تنفيذ هذا المشروع صعباً؛ إذ إنه لا يُستَغنى عن مساعدين مؤهلين يشاركون في دراسة هذا التراث وإخراجه على مستوىً أكاديميٍّ لائق، وإلى جانب ما نحتاج إليه من الطاقة البشرية العلميةِ، يَجبُ أَلاَّ ننسى الجوانب المادية لتحقيق هذه الأهداف المنشودة.

شبكة التفسير: منذ ثلاثة وأربعين عاماً يا دكتور وأنت مشتغل بالدراسات العربية الإسلامية، وقد أنقفت في سبيل ذلك كثيراً من الجهد والوقت والمال. هل يمكن لسعادتكم أن تحدثونا عن هذه التجربة بتركيز، كيف كانت هذه الرحلة مع العلوم الإسلامية؟ وكيف وجدت التعامل مع اللغة العربية ونصوصها هل لا تزال تستعصي عليك معانيها في بعض الأحيان؟ وهل يمكنك فهم الشعر العربي بسهولة؟ حدثنا عن هذه الرحلة لنستفيد. ثم بماذا توصي طالب العلم المسلم المتخصص في الدراسات القرآنية؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير