ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[13 - 04 - 05, 09:20 ص]ـ
الأخت الكريمة،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،
كنت قد عقبت على هذا الموضوع في منتدى الجامع لكني أود أن أفصل قليلاً في هذا الموضع إن شاء الله .. و الرد على هذه الشبهة في نقاط:
الأولى: أنه من الثابت عند المسلمين أن القرآن قد قالها صريحة قاطعة ((ما قتلوه و ما صلبوه)) ثم كررها ((و ما قتلوه يقينًا))، فلم يدع هناك مجالاً للشك في عدم وقوع القتل أو الصلب على المسيح عليه السلام .. فمن اعتقد أن عيسى بن مريم عليه السلام قتل و صلب فقد كذب القرآن، و من كذب القرآن فقد كفر.
الثانية: أن من لم يعلم نهج الرازي رحمه الله في تفسيره الكبير لم يجز له أن يقتبس منه بدعوى أن الرازي يرى هذا الرأي أو ذاك، فهو في تفسير كل آية من كتاب الله يذكر الإشكالات و اعتراضات المخالفين عليها ثم يكر على هذه الشبهات بالرد و التفنيد .. و هو قد ينشط للرد فيكون شاملاً ماتعًا، و قد يكسل فيكون مقتضبًا مختصرًا، لكن نهجه في إيراد الشبهات و ردها ثابت لا يتغير .. فلا يحل لأي شخص أن ينقل الشبهات من تفسيره دون الرد و يدعي أن هذا هو رأي الرازي أو أن الرازي يقول بصلب عيسى عليه السلام، فهذا من البهتان الذي لا يلجأ إليه إلا أهل الباطل .. و النصارى في الواقع أهل له.
الثالثة: أن هذا النص المنقول ليس من تفسير الرازي، بل هو ملخص ما ذكره عند تفسيره لسورة آل عمران آية 55 (بل أقول بثقة أنه ترجمة عربية رديئة لترجمة استشراقية تنصرية أعجمية أكثر رداءة لكلام الرازي) .. و نص كلام الرازي هو كالآتي:
((فكيفما كان ففي إلقاء شبهه على الغير إشكالات:
الإشكال الأول: إنا لو جوزنا إلقاء شبه إنسان على إنسان آخر لزم السفسطة، فإني إذا رأيت ولدي ثم رأيته ثانياً فحينئذ أجوز أن يكون هذا الذي رأيته ثانياً ليس بولدي بل هو إنسان ألقي شبهه عليه وحينئذ يرتفع الأمان على المحسوسات، وأيضاً فالصحابة الذين رأوا محمداً صلى الله عليه وسلم يأمرهم وينهاهم وجب أن لا يعرفوا أنه محمد لاحتمال أنه ألقي شبهه على غيره وذلك يفضي إلى سقوط الشرائع، وأيضاً فمدار الأمر في الأخبار المتواترة على أن يكون المخبر الأول إنما أخبر عن المحسوس، فإذا جاز وقوع الغلط في المبصرات كان سقوط خبر المتواتر أولى وبالجملة ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوات بالكلية.
والإشكال الثاني: وهو أن الله تعالى كان قد أمر جبريل عليه السلام بأن يكون معه في أكثر الأحوال، هكذا قاله المفسرون في تفسير قوله {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [المائدة: 110] ثم إن طرف جناح واحد من أجنحة جبريل عليه السلام كان يكفي العالم من البشر فكيف لم يكف في منع أولئك اليهود عنه؟ وأيضاً أنه عليه السلام لما كان قادراً على إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، فكيف لم يقدر على إماتة أولئك اليهود الذين قصدوه بالسوء وعلى إسقامهم وإلقاء الزمانة والفلج عليهم حتى يصيروا عاجزين عن التعرض له؟
والإشكال الثالث: إنه تعالى كان قادراً على تخليصه من أولئك الأعداء بأن يرفعه إلى السماء فما الفائدة في إلقاء شبهه على غيره، وهل فيه إلا إلقاء مسكين في القتل من غير فائدة إليه؟
والإشكال الرابع: أنه إذا ألقى شبهه على غيره ثم إنه رفع بعد ذلك إلى السماء فالقوم اعتقدوا فيه أنه هو عيسى مع أنه ما كان عيسى، فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس، وهذا لا يليق بحكمة الله تعالى.
والإشكال الخامس: أن النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح عليه السلام، وغلوهم في أمره أخبروا أنهم شاهدوه مقتولاً مصلوباً، فلو أنكرنا ذلك كان طعناً فيما ثبت بالتواتر، والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، ونبوّة عيسى، بل في وجودهما، ووجود سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكل ذلك باطل.
والإشكال السادس: أنه ثبت بالتواتر أن المصلوب بقي حياً زماناً طويلاً، فلو لم يكن ذلك عيسى بل كان غيره لأظهر الجزع، ولقال: إني لست بعيسى بل إنما أنا غيره، ولبالغ في تعريف هذا المعنى، ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعنى، فلما لم يوجد شيء من هذا علمنا أن ليس الأمر على ما ذكرتم.
¥