تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طارىء فكان كالمرض يطرأ عليه ورو عن بعض أصحاب مالك أنه يقضي ويكفر وهو قول ابن كنانة والمخزومي وحكاه الباجي عن الشافعي واختاره ابن العربي وقال به قال: لأن السفر عذر طرأ بعد لزوم العبادة ويخالف المرض والحيض لأن المرض يبيح له الفطر والحيض يحرم عليها الصوم والسفر لا يبيح له ذلك فوجبت عليه الكفارة لهتك حرمته قال أبو عمر: وليس هذا بشيء لأن الله سبحانه قد أباح له الفطر في الكتاب والسنة وأما قولهم لا يفطر فإنما ذلك استحباب لما عقده فإن أخذ برخصة الله كان عليه القضاء وأما الكفارة فلا وجه لها ومن أوجبها فقد أوجب ما لم يوجبه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وقد روي عن ابن عمر في هذه المسألة: يفطر إن شاء في يومه ذلك إذا خرج مسافرا وهو قول الشعبي و أحمد و إسحاق

قلت: وقد ترجم البخاري رحمه الله على هذه المسألة باب من أفطر في السفر ليراه الناس وساق الحديث [عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليريه الناس فافطر حتى قدم مكة ذلك في رمضان] وأخرجه مسلم ايضا عن ابن عباس وقال فيه: ثم دعا بإناء فيه شراب شربه نهارا ليراه الناس ثم أفطر حتى دخل مكة وهذا نص في الباب فسقط ما خالفه وبالله التوفيق وفيه أيضا حجة على من يقول: إن الصوم لا ينعقد في السفر روي عن عمر وابن عباس وأبي هريرة وابن عمر قال ابن عمر: من صام في السفر قضى في الحضر وعن عبد الرحمن بن عوف: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر وقال به قوم من أهل الظاهر واحتجوا بقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر} على ما يأتي بيانه وبما روى كعب بن عاصم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

[ليس من البر الصيام في السفر] وفيه أيضا حجة على من يقول: إن من بيت الصوم في السفر فله أن يفطر وإن لم يكن له عذر وإليه ذهب مطرف وهو أحد قولي الشافعي وعليه جماعة من أهل الحديث وكان مالك يوجب عيه القضاء والكفارة لأنه كان مخيرا في الصوم والفطر فلما اختار الصوم وبيته لزمه ولم لكن له الفطر فإن أفطر عامدا من غير عذر كان عليه القضاء والكفارة وقد روي عنه أنه لا كفارة عليه وهو قول أكثر أصحابه إلا عبد الملك فإنه قال: إن أفطر بجماع كفر لأنه لا يقوى بذلك على سفره ولا عذر له لأن المسافر إنما أبيح له الفطر ليقوى بذلك على سفره وقال سائر الفقهاء بالعراق والحجاز: إنه لا كفارة عليه منهم الثوري و الأوزاعي و الشافعي و أبو حنيفة و سائر فقهاء الكوفة قاله أبو عمر

الرابعة: واختلف العلماء في الأفضل من الفطر أو الصوم في السفر فقال مالك و الشافعي في بعض ما روي عنهما: الصوم أفضل من قوي عليه وجل مذهب مالك التخيير وكذلك مذهب الشافعي قال الشافعي ومن اتبعه: هو مخير ولم يفصل وكذلك ابن علية لحديث أنس قال:

[سافرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم] خرجه مالك و البخاري و مسلم وروي عن عثمان بن ابي العاص الثقفي وأنس بن مالك صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما قالا: الصوم في السفر أفضل لمن قدر عليه وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وروي عن ابن عمر وابن عباس: الرخصة أفضل وقال به سعيد بن المسيب و الشعبي و عمر بن عبد العزيز و مجاهد و قتادة و الأوزاعي و أحمد و إسحاق كل هؤلاء يقولون الفطر أفضل لقول الله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}

الخامسة: قوله تعالى: {فعدة من أيام} في الكلام حذف أي من يكن منكم مريض أو مسافرا فأفطر فليقض والجمهور من العلماء على أن أهل البلد إذا صاموا تسعة وعشرين يوما وفي البلد رجل مريض لم يصح فإنه يقضي تسعة وعشرين يوما وقال قوم منهم الحسن بن صالح بن حي: إنه يقضي شهرا من غير مراعاة عدد الأيام قال الكيا الطبري: وهذا بعيد لقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر} ولم يقل فشهر من أيام أخر وقوله: فعدة يقتضي استيفاء عدد ما أفطر فيه ولا شك أنه لو أفطر بعض رمضان وجب قضاء ما أفطر بعده بعدده وكذلك يجب أن يكون حكم إفطاره جميعه في اعتبار عدده

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير