تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد روى ابن جرير رحمه الله عند هذه الآية عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ما يدل على هذا المعنى حيث قال في تفسير حدثنا عبد الأعلى، قال حدثنا ابن ثور، عن معمر عن قتادة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: إن الشمس والقمر وجوههما قبل السماوات، وأقفيتهما قبل الأرض انتهى وفي سنده انقطاع. لأن قتادة لم يدرك عبد الله بن عمرو، ولعل هذا إن صح عنه مما تلقاه عن بني إسرائيل، وظاهر الآية يدل على أن نورهما في السماوات لا أجرامهما، وأما كون وجوههما إلى السماوات وأقفيتهما إلي الأرض فموضع نظر، والله سبحانه وتعالي أعلم بذلك. وأما قول من قال من أهل التفسير: أن ذلك من باب إطلاق الكل على البعض لأن القمر في السماء الدنيا، والشمس في الرابعة، كما يقال: رأيت بني تميم وإنما رأى بعضهم فليس بجيد، ولا دليل عليه، وليس هناك حجة يعتمد عليها فيما نعلم، تدل على أن القمر في السماء الدنيا والشمس في الرابعة، وأما قول من قال تلك من علماء الفلك، فليس بحجة عليها لأن أقوالهم غالبا مبنية على التخمين والظن، لا على قواعد شرعية، وأسس

قطعية، فيجب التنبه لذلك،

ويدل على هذا المعنى: ما قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند قوله سبحانه: َ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا الآية حيث قال ما نصه: قوله تعالى: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا أي واحدة فوق واحدة وهل هذا يتلقى من جهة السمع فقط. أو هو من الأمور المدركة بالحس مما علم من التسيير والكسوفات، فإن الكواكب السبعة السيارة يكسف بعضها بعضا، فأدناها القمر في السماء الدنيا، وهو يكسف ما فوقه، وعطارد في الثانية، والزهرة في الثالثة، والشمس في الرابعة، والمريخ في الخامسة، والمشتري في السادسة، وزحل في السابعة، وأما بقية الكواكب وهي الثوابت، ففي فلك ثامن يسمونه: (فلك الثوابت)، والمتشرعون منهم يقولون: هو الكرسي، والفلك التاسع: وهو الأطلس، والأثير عندهم: الذي حركته على خلاف حركة سائر الأفلاك وذلك أن حركته مبدأ الحركات، وهي من المغرب إلى المشرق وسائر الأفلاك عكسه من المشرق إلى المغرب، ومعها يدور سائر الكواكب تبعا، ولكن للسيارة حركة معاكسة لحركة أفلاكها، فإنها تسير من المغرب إلى المشرق، وكل يقطع فلكه بحسبه، فالقمر يقطع فلكه في كل شهر مرة، والشمس في كل سنة مرة، وزحل في كل ثلاثين سنة مرة، وذلك بحسب اتساع أفلاكها، وإن كانت حركة الجميع في السرعة متناسبة، هذا ملخص ما يقولونه في هذا المقام على اختلاف بينهم، في مواضع كثيرة لسنا بصدد بيانها) انتهى

فقول الحافظ رحمه الله هنا: على اختلاف بينهم ... إلخ يدل: على أن علماء الفلك غير متفقين على ما نقله عنهم آنفا، من كون القمر في السماء الدنيا، وعطارد في الثانية، والزهرة في الثالثة والشمس في الرابعة .. إلخ وغير ذلك مما نقله عنهم، ولو كانت لديهم أدلة قطعية على ما ذكروا، لم يختلفوا، ولو فرضنا أنهم اتفقوا على ما ذكر فاتفاقهم ليس بحجة؛ لأنه غير معصوم،

وإنما الإجماع المعصوم هو إجماع علماء الإسلام الذين قد توافرت فيهم شروط الاجتهاد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طافئة من أمتي على الحق منصورة الحديث فإذا اجتمع علماء الإسلام على حكم، اجتماعا قطعيا لا سكوتيا، فإنهم بلا شك على حق؛ لأن الطائفة المنصورة منهم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تزال على الحق، حتى يأتي أمر الله

وظاهر الأدلة السابقة، وكلام الكثير من أهل العلم أو الأكثر كما حكاه النسفي، والألوسي: أن جميع الكواكب ومنها الشمس والقمر تحت السماوات، وليست في داخل شيء منها، وبذلك يعلم أنه لا مانع من أن يكون هناك فضاء بين الكواكب والسماء الدنيا، يمكن أن تسير فيه المركبات الفضائية، يمكن أن تنزل على سطح القمر أو غيره من الكواكب ولا يجوز أن يقال بامتناع ذلك إلا بدليل شرعي صريح يجب المصير إليه، كما أنه لا يجوز أن يصدق من قال إنه وصل إلى سطح القمر أو غيره من الكواكب، إلا بأدلة علمية تدل على صدقه، ولا شك أن الناس بالنسبة إلى معلوماتهم عن الفضاء، ورواد الفضاء يتفاوتون، فمن كان لديه معلومات قد اقتنع بها بواسطة المراصد أو غيرها، دلته على صحة ما ادعاه رواد الفضاء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير