[أركان القراءة المقبولة (2)]
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 May 2003, 04:41 م]ـ
تقدمت الحلقة الأولى من هذا البحث وتجدها على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=186
الحلقة الثانية:
المبحث الأول: صحة السند
المطلب الأول:المراد بهذا الركن.
قال ابن الجزري:أن يروي القراءة العدل الضابط عن مثله كذا حتى تنتهي، وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أ و مما شذ به بعضهم. (!)
نفهم من هذا التعريف:أنه يضاف إلى صحة السند ما يلي:
1 - الشهرة
2 - أن لا تكون شاذه أو معدودة في الغلط
وقد قدمته على بقية الأركان لأنه ينبغي للبا حث أو القارئ أن ينظر إلى صحة السند فإن كان صحيحاً وإلا لا حاجة إلى النظر إلى بقية الأركان.
المطلب الثاني:هل يشترط التواتر في هذا الركن أم يكتفى فيه بصحة السند:
اختلف فيه على قولين:
القول الأول:يشترطون التواتر حيث نصوا على أن التواتر شرط في ثبوت القرآن، وممن اشترط ذلك الغزالي وابن قدامة وابن الحاجب وصدر الشريعة والنويري ,وقالو:عدم اشتراط التواتر في ثبوت القرآن، قول حادث لإجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم ولم يخالف من المتأخرين إلا مكي وتبعه بعض المتأخرين،وقالوا لا يقدح في ثبوت التواتر اختلاف القراءة فقد تتواتر القراءة
عند قوم دون قوم. (2)
القول الثاني:أنه لايشترط التواتر وإنما يكتفي بصحة السند.
وإليه ذهب ابن الجزري وأشار إلى أنه مذهب أئمة السلف والخلف وقال راداً على القول الأول: أنه إذا أثبت التواتر لايحتاج فيه إلى الركنين ا لسابقين من الرسم وغيره إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواتراً عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قبوله وقطع بكونه قرآناً سواء وافق الرسم أم خالفه وإذا أشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف أنتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم. (3)
وقال الطاهر بن عاشور:وهذه الشروط الثلاثة هي شروط قبول القراءة إذا كانت غير متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن كانت صحيحة السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها لم تبلغ حد التواتر فهي بمنزلة الحديث الصحيح واما القراءة المتواترة فهي غنية عن هذه الشروط لأن تواترها يجعلها حجة في
العربية ويغنيها عن الاعتضاد بموافقة المصحف عليه (1).
قلت: وعند تأمل هذين القولين فإننا لانجد بينهما فرق في إفادة القراءة للعلم لأن من لم يشترط التواتر وإنما اشترط صحة السند لم يكتف به وإنما اشترط قرائن بمجموعها تفيد العلم وتقوم مقام التواتر ولذا قال مكي بن أبي طالب: فإذا اجتمعت هذه الخلال الثلاث قرئ به وقطع على مغيبه وصحته و صدقه لأنه أخذ عن إجماع من جهة موافقته لخط المصحف وكفر من جحده (2).
وقال الزرقاني:إن هذه الأركان الثلاثة تكاد تكون مساوية للتواتر في إفادة العلم القاطع بالقراءات المقبولة بيان هذه المساواة أن ما بين دفتي المصحف متواتر ومجمع عليه من هذه الأمة في أفضل عهودها وهو عهد الصحابة فإذا صح سند القراءة ووافقت عليه قواعد اللغة ثم جاء ت موافقة لخط المصحف المتواتر كانت هذه الموافقة قرينة على إفادة هذه الرواية للعلم القاطع وإن كانت آحاداً ..... فكأن التواتر كان يطلب تحصيله في الإسناد قبل أن يقوم المصحف وثيقة متواترة بالقرآن أما بعد وجودهذا المصحف المجمع عليه فيكفي في الرواية صحتها وشهرتها متى ماوافقت رسم هذا المصحف ولسان العرب ........ وهذا التوجيه الذي وجهنا به الضابط السالف يجعل الخلاف كأنه لفظي ويسير بجماعات القراء جدد الطريق في تواترالقرآن (3).
المطلب الثالث:تنبيهات تتعلق بهذا الضابط:
1 - هل من رد شيئا ًمن القراءات المتواترة يعد كافراً
الجواب:أن ذلك لايقتضي التكفير لأن التكفير إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة، والقراءات ليست كذلك ولذا وقع شئ من ذلك لبعض العلماء الأعلام
قاله الجزائري (4).
2 - قال بعض العلماء: إن القراءات السبع متواترة عن الأئمة السبعة أما تواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيه نظر فإن إسناد الأئمة السبعة بهذه القراءات
السبعة موجود في كتب القراءات وهي نقل الواحد عن الواحد.
والجواب: أن عدد التواتر موجود في كل طبقة إلا أنهم اقتصروا على ذكر بعضهم لتصديهم للاشتغال بالقراءة واشتهارهم بذلك (5).
4 - اشتراط التواتر في ثبوت القران إنما هو بالنظر لمجموع القران الكريم وإلا فلو اشترطنا التواتر في كل فرد من أحرف الخلاف انتفى كثير من القراءات الثابتة عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم (6).
5 - نقل عن محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي وكان بعد الثلاثمائه:أن ماوافق العربية ورسم المصحف ولم ينقل البتة أن القراءة به جائزة وقد ردّ عليه من جاء بعده قال أبو طاهر بن أبي هاشم في كتابه البيان .. وقد نبغ نابغ في عصرنا فزعم أن كل ما صح عنده وجه في العربية بحرف من القران يوافق المصحف فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها فابتدع بدعة ضل بها قصد السبيل قلت: وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقراء وأجمعوا على منعه وأوقف للضرب ورجع وكتب عليه محضر بذلك كما ذكره الحافظ أبوبكر الخطيب في تاريخ بغداد وأشرنا إليه في الطبقات (1).
¥