تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الخامس: وقفات حول النسخ في القرآن)]

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 May 2003, 07:32 ص]ـ

بسم الله

ومن موضوعات علوم القرآن المهمة: موضوع النسخ في القرآن

وهذه بعض الوقفات مع هذا الموضوع:

الوقفة الأولى: في أهمية هذا الموضوع:

النسخ في القرآن الكريم من الموضوعات المهمة التي لابُدّ من الإلمام بها لكل من تصدّى لدراسة القرآن، وأراد معرفة أحكامه ومعانيه.

ولذلك فقد كتب فيه المؤلفون في علوم القرآن، وأفرده كثيرون بالتصنيف - كما سيأتي -؛ (لأن معرفة الناسخ والمنسوخ ركن عظيم في فهم الإسلام وفي الاهتداء إلى صحيح الأحكام، خصوصاً إذا ما وجدت أدلة متعارضة لايندفع التعارض بينها إلاَّ بمعرفة سابقها من لاحقها، وناسخها من منسوخها.

ولهذا كان سلفنا الصالح يعنون بهذه الناحية، يحذقونها، ويلفتون أنظار الناس إليها، ويحملونهم عليها؛ حتى لقد جاء في الأثر أن ابن عباس - رضي الله عنهما - فسّر الحكمة في قوله تعالى: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا)} [البقرة: 269] بمعرفة ناسخ القرآن ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه (1).

وروي أن عليًّا - رضي الله عنه - مرّ على قاص، فقال: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت (2). يريد أنه عرّض نفسه وعرض الناس للهلاك، مادام أنه لايعرف الناسخ من المنسوخ) (3).

وقد ذكر الحافظ ابن عبدالبر - رحمه الله - في كتابه جامع بيان العلم وفضله في باب معرفة أصول العلم وحقيقته وما الذي يقع عليه اسم الفقه والعلم مطلقاً - أثراً يبيّن أهمية هذا العلم، حيث قال: (وذكر أبو بكر محمد بن الحسن النقاش، ثنا عبدالله بن محمود، قال: سمعت يحيى بن أكثم يقول: ليس من المعلوم كلها علم هو أوجب على العلماء وعلى المتعلمين، وكافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه؛ لأن الأخذ بناسخه واجب فرضاً، والعلم به لازم ديانةً، والمنسوخ لايعمل به، ولاينتهي إليه، فالواجب على كل عالم عِلْمُ ذلك لئلا يوجب على نفسه أو على عباد الله أمراً لم يوجبه الله عزوجل، أو يضع عنه فرضاً أوجبه الله عزوجل) (4).

وقال القرطبي في بيان أهمية معرفة النسخ: (معرفة هذا الباب أكيدة، وفائدته عظيمة، لايستغني عن معرفته العلماء، ولاينكره إلاَّ الجهلة الأغبياء، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام ومعرفة الحلال من الحرام) (5).

معنى النسخ في اللغة:

يأتي النسخ في كلام العرب على ثلاثة أوجه:

الأول: أن يكون مأخوذاً من قول العرب: نسخت الكتاب، إذا نقلت ما فيه إلى كتاب آخر، فهذا لم يتغير المنسوخ منه، وإنَّما صار له نظيرٌ مثله في لفظه ومعناه، وهما باقيان.

والثاني: أن يكون مأخوذاً من قول العرب: نسخت الشمس الظل، إذا أزالته وحلت محله.

والثالث: أن يكون مأخوذاً من قول العرب: نسخت الريحُ الآثار، إذا أزالتها فلم يَبق منها عوض، ولا حلت الريح محل الآثار، بل زالا جميعاً (6).

وقد وردت مادة النسخ في القرآن الكريم بهذه المعاني الثلاثة:

فمن الأول - وهو النقل - قول الله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29].

ومن الثاني - وهو إزالة شيء مع حلول شيء آخر محله - قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ)} [البقرة: 106].

ومن الثالث - وهو إزالة الشيء بدون حلول شيء آخر محله - قول الله تعالى: {فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} [الحج: 52] (7).

معنى النسخ في الاصطلاح:

يحتاج معنى النسخ في الاصطلاح إلى شيء من الإيضاح؛ وذلك لأن معناه في اصطلاح المتقدمين يختلف عن معناه في اصطلاح المتأخرين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير