[محمود محمد شاكر وتحقيق تفسير الإمام الطبري رحمه الله]
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2003, 02:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيممحمود محمد شاكر و تفسير الإمام الطبري
هناك في إقليم طبرستان في ناحية آمُل من بلاد المشرق الإسلامي ولد الإمام محمد بن جرير الطبري عام 224هـ وتوفي عام 310هـ عن ستة وثمانين عاماً قضاها في العلم والعمل والتصنيف، ورزقه الله القبول فسارت تصانيفه مسير الشمس والقمر، فقد أوتي رحمه الله قدرة وبراعة على التصنيف، وواسطة عقد مصنفاته رحمه الله تفسيره العظيم (جامع البيان في تأويل آي القرآن)، ذلك الكتاب الذي لو سافر مسافر إلى الصين من أجل تحصيله ما كان ذلك كثيراً في حقه كما قال أبو حامد الإسفرايني عندما طالعه. [طبقات المفسرين للداوودي 2/ 106] واستعار ابن خزيمة تفسير ابن جرير من ابن بالويه ثم رده بعد سنين، وقال: (نظرت فيه من أوله إلى آخره فما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير) [سير أعلام النبلاء للذهبي 14/ 272].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما التفاسير التي في أيدي الناس، فأصحها تفسير ابن جرير الطبري، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين، كمقاتل بن بكير والكلبي) [مقدمة التفسير لابن تيمية].
هذا التفسير النفيس لقي من العناية في حياة مصنفه وبعده ما لم يلقه كتاب آخر، وتنافس العلماء والأمراء في اقتنائه وشراءه، ولا زال إلى يوم الناس هذا في المقدمة بدون منازع، على كثرة المصنفات في التفسير، فإنها – ولا أبالغ – قد زادت على الألف.
وفي العصور المتأخرة فُقِدَ كتابُ ابن جرير ولم يكد يوجد منه إلا نقول هنا وهناك حتى قال المستشرق الألماني (نيلدكه) عام 1860م بعد اطلاعه على بعض فقرات من هذا الكتاب "لو حصلنا على هذا الكتاب لاستطعنا أن نستغني عن كل كتب التفسير المتأخرة عليه، ولكنه يبدو - للأسف - مفقوداً بالكلية) [مذاهب التفسير الإسلامي لجولد زيهر ص 108].وقبل ذلك لم يذكره إسماعيل البغدادي في كتابه (كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون).
وبفضل من الله سبحانه وتعالى تم العثور على نسخة كاملة مخطوطة من هذا التفسير العظيم عند أمير (حائل) الأمير حمود من آل رشيد من أمر اء نجد، وقد طبع الكتاب على هذه المخطوطة قريباً، مع المخطوطة التي وجدت في دار الكتب المصرية بالقاهرة وإن كانت ناقصة، والمخطوطة الناقصة كذلك التي وجدت في حلب في مكتبتها الأحمدية، وقد ابتهجت الأوساط العلمية بطباعته في ذلك الحين، واقرأ ذلك في كتاب جولد زيهر حيث صور الفرحة التي عمت أوساط المستشرقين بطباعته، وقد رصدت أكاديمية الفنون الجميلة بباريس عام 1900 جائزة لمن يتصدى لدراسة التفسير وبيان منهج مؤلفه فيه!! ولك أن تعجب.
* أهم طبعات الكتاب:
- طبعة المطبعة الميمنية، سنة 1321هـ الموافق 1901م في ثلاثين جزءاً.
- طبعة مصطفى البابي الحلبي في عشرة أجزاء عام 1321هـ الموافق 1901م.
- طبعة بولاق عام 1323هـ في ثلاثين جزءاً وبهامشه تفسير غريب القرآن للنيسابوري وانتهت هذه الطبعة عام 1330هـ.
- طبعة المطبعة الأميرية عام 1333هـ في ثلاثين جزءاً وبهامشه غريب القرآن للنيسابوري.
- طبعة أخرى لمكتبة البابي الحلبي في ثلاثين جزءاً عام 1373هـ، وهي من أفضل طبعات تفسير الطبري، ذلك أنها روجعت على عدة نسخ خطية، مع ضبط النص على يد علماء أجلاء منهم مصطفى السقا رحمه الله الذي كتب خاتمة ضافية بين فيها عمل اللجنة في نشر الكتاب، وقد شرحوا الشواهد الشعرية، وصنعوا فهارس لكل جزء من الآيات المفسرة والموضوعات والقوافي.
- وقد أصدرت مطبعة البابي الحلبي نشرة مصورة من هذه النشرة عام 1388هـ.
- وقد اطلعت على طبعة لدار الفكر في بيروت متوافقة تماماً مع هذه الطبعة البابية السابقة ولكنها قامت بحذف المقدمة والخاتمة ولم تشر إلى أنها نشرة مطبعة البابي الحلبي.
- أما واسطة عقد طبعات تفسير الطبري، التي لو تمت لما ساغ لأحد بعدها أن يقدم على تحقيق هذا الكتاب، ولا ادعاء ذلك، فهي الطبعة التي قام عليها العالم الجليل محمود محمد شاكر وأخوه العلامة المحدث أحمد محمد شاكر رحمهم الله جميعاً ابتداء من عام 1374هـ ونشرته دار المعارف بالقاهرة.
¥