[حول إسقاط البسملة أول التوبة ـ جواب السؤال]
ـ[مرهف]ــــــــ[07 May 2003, 04:28 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فأتقدم بالشكر أولاً للأخ محمد يوسف على طرحه لسؤال: هل البسملة بين الأنفال والتوبة من باب الاجتهاد، وقد أثارني جداً وأحببت أن أفرده بمشاركة خاصة لطول البحث ودقته وأسأل الله التوفيق والعون وأطلب منكم النصح والتسديد وسأورد أولاً نص السؤال ثم الجواب.
نص السؤال:
هل كان عثمان رضي الله عنه يعتبر سورة الأنفال و سورة براءة سورة واحدة لذلك لم يفصل بينهما بالبسملة؟
و إذا كان كذلك فكيف نقول بأن سقوط البسملة من بين السورتين توقيفي؟
و ما دامت المسألة خلافية وتتفرع على مسألة ترتيب سور القران، فهل لأحد أن يضع البسملة بين السورتين، بناءا على مخالفته لعثمان في ذلك وأنهما سورة واحدة؟
و على قول عثمان ـ رضي الله عنه ـ هل نعتبرهما نحن سورة واحدة؟
الجواب:
الناظر في النصوص الواردة في هذا الأمر يجد أن سيدنا عثمان رضي الله عنه لم يكن يعتبر أن سورة الأنفال و التوبة كانت سورة واحدة بل كان يظن أنهما سورة واحدة، وهناك فرق بين العبارتين، وهذا الظن تغير لسيدنا عثمان لما علم أن الأنفال ليست من التوبة والوارد في ذلك هو ما أخرجه أحمد وأبو داود (786) والترمذي (3086) وقال: حسن صحيح، والنسائي في الكبرى (8007) وابن حبان (1/ 230) والحاكم (2/ 221) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وابن جرير (1/ 69) عن ابن عباس قال قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطول فقال عثمان كان رسول الله تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزل في المدينة وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها في السبع الطول. الإتقان 1/ 167.
فظن عثمان رضي الله عنه كان سببه:
أولاً:وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتبين لعثمان أهما سورة واحدة أم اثنتان؟
ثانياً: ووجود الشبه بينهما، ووجه الشبه في أن الأنفال بينت ما وقع له صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة، والتوبة بينت ما وقع له صلى الله عليه وسلم مع المنافقين ولأن في كل منهما تعاهداً ونبذاً للعهد، وفيهما الأمر بالقتال. وهذا لا يعني أن عثمان كان يرى أنهما سورة واحدة.
ودليل علمه بأنهما سورتان هو فصلهما عن بعضهما.
وأما عدم كتابة البسملة في أول براءة فقد تعددت الآراء في ذلك، يقول الزركشي في البرهان 1/ 360): (سبب سقوط البسملة أول براءة:اختلف في السبب في سقوط البسملة أول براءة فقيل كان من شأن العرب في الجاهلية إذا كان بينهم وبين قوم عهد وأرادوا نقضه كتبوا لهم كتابا ولم يكتبوا فيه البسملة فلما نزلت براءة بنقص العهد الذي كان للكفار قرأها عليهم علي ولم يبسمل على ما جرت به عادتهم .... .
وعن مالك أن أولها لما سقط سقطت البسملة.
وقد قيل إنها كانت تعدل البقرة لطولها.
وقيل لأنه لما كتبوا المصاحف في زمن عثمان اختلفوا هل هما سورتان أو الأنفال سورة وبراءة سورة تركت البسملة بينهما.
وفى مستدرك الحاكم [2/ 320] أيضا عن ابن عباس سألت عليا عن ذلك فقال لأن البسملة أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان.
قال القشيرى والصحيح أن البسملة لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام ما نزل بها فيها).
أما الأثر الذي ذكره الزركشي عن مالك فهو غريب؟ اللهم إلا أن يكون المراد النسخ وهذا لا دليل عليه،وقد ورد عن مالك ما يرده قال السيوطي في الإتقان 1/ 63: (وأخرج [لعله ابن أبي داود كما يدل عليه السياق] عن ابن وهب قال سمعت مالكا يقول إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من النبي).
¥