تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إذا أخطأ عليك أحد فكيف تتصرف؟ (انظر توجيه القرآن في ذلك)]

ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[19 Jun 2003, 01:05 م]ـ

لايكاد يخلو المرء منا من أن يُعتدى أو يخطأ عليه في حياته، إما في بدنه أو ماله أو عرضه أو غير ذلك.

وماأكثر مايحصل البغي والعدوان في مقابلة ذلك حتى من بعض أهل الخير والصلاح، وقد جاء القرآن هاديا وموجها في هذا.

فالأحوال – في مقابلة ذلك الاعتداء - ثلاثة:

1.القصاص: و هذا جائز.

2.الظلم: وهذا ممنوع.

3.العفو: وهذا مندوب، ولكن يقيد بما إذا كان فيه إصلاح.

فطريقة القرآن إباحة الاقتصاص من المعتدي ومقابلته بمثل عدوانه وهذه الحالة الأولى.

والنهي عن ظلمه، وهذه الثانية.

والندب إلى العفو والإحسان، وهذه الثالثة.

وجمعت هذه المراتب الثلاث في قوله تعالى] وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [(الشورى:40).

وهذا التوجيه السامي وارد في آيات كثيرة كقوله] وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [(النحل:126)، ولما كان القتال في المسجد الحرام محرماً قال تعالى:] فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ [(البقرة:91)] فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ [(البقرة:193 - 194) وهو كل ما حرمه الله وأمر باحترامه، فمن انتهكه فقد أباح الله الاقتصاص منه بقدر ما اعتدى به لا أكثر، وقوله:] فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ [(البقرة:194).

وقال سبحانه:] يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى .. [(البقرة:178)] وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ .. [(المائدة:45)] لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ [(النساء:148).

وفي النهي عن مقابلة العدوان بالظلم قال تعالى:] وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا [(الإسراء:33) والآيات في هذا المعنى كثيرة والله أعلم.

انظر: القواعد الحسان – مع تصرف وزيادة – وتعليقات الشيخ ابن عثيمين عليها، وإنني أنصح إخواني بسماع تلك التعليقات لما فيها من التهذيب والتحرير، كما في كلامه على قصة الغرانيق ورأيه في ذلك مثلا، بل ربما ناقش شيخه وخالفه كما في تحقيقه لقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف:110).

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 May 2004, 01:20 ص]ـ

من آذاه الناس الناس في ماله أو عرضه أو نفسه شرع له أن يصبر، وهذا النوع من الصائب يصعب الصبر عليه جداً، لأن النفس تستعدي المؤذي لها، وهي تكره الغلبة، فتطلب الانتقام، فلا يصبر على هذا النوع إلا الأنبياء والصديقون، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا أوذي يقول «يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر» وأخبر عن نبي من الأنبياء أنه ضربه قومه فجعل يقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه جرى له هذا مع قومه، فجعل يقول مثل ذلك.

فجمع في هذا ثلاثة أمور: العفو عنهم، والاستغفار لهم، والاعتذار عنهم بأنهم لا يعلمون، وهذا النوع من الصبر يثمر النصر والعز والسرور والأمن والقوة في ذات الله، وزيادة محبة الله ومحبة الناس له وزيادة العلم، ولهذا قال الله تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} (السجدة 24) فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين؛ فإن انضاف الى هذا الصبر قوة اليقين والإيمان ترقى العبد في درجات السعادة بفضل الله، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير