تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الطريق إلى حل مشكلة الأحرف السبعة (1)]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 May 2003, 01:46 م]ـ

[الطريق إلى حل مشكلة الأحرف السبعة (1)]

إن هذا الموضوع من أعظم مشكل علوم القرآن، ولا أُرى أنه يُختلف في ذلك.

ومهما تعدد الدراسات فيها، وتكاثر الآراء حول المراد بها، فإنه يبقى في نفس القارئ أسئلة لا يرى لها حلاًّ.

وإن تعدد الدراسات من الأمور المحمودة في البحث العلمي؛ لأنَّ العقول تختلف في نظراتها، وفي طريقة عرضها، وفي استنباطاتها، وقد يوجد جزء من الحق في هذه المسألة عند باحث، ويوجد جزء آخر عند غيره، وهكذا.

وأذكر أنَّ الأخ الفاضل محمد بن عبد العزيز الخضيري طرح سؤالاً على أحد أساتذتنا أثناء الدراسات العليا لإعداد درجة الماجستير، فقال: لماذا لا يكون مثل هذا الموضوع وغيره من الموضوعات المشكلة محلَّ بحثٍ في الدراسات العليا؟

فكان من جواب الأستاذ الدكتور أن قال بأن هذا الموضوع مشكل، ولا يوجد له حلُّ، ودراسته إنما هي تكرار لما كُتبَ.

وهذا الموضوع وأمثاله من أبرز وأهم الموضوعات التي تصلح للنقاش والدراسة في الدراسات العليا؛ لأن مناقشة مثل هذا الموضوع بحدِّ ذاته مفيد للدارس، فضلاً عما يمكن أن يفتح عليه من الرأي الصائب الذي قد يخرج به.

ولست أرى أن الموضوع قد انتهى بقول فلان، بل لا زال الموضوع بحاجة إلى بحثٍ، وأعمال من سبق إنما هي مفاتيح للدراسة، وبعضها أوفر فائدة من بعض.

وإذا كان ذلك كذلك، فإني سأطرح لك ـ أيها القارئ الكريم ـ خلاصة ما توصلت إليه في قراءة هذا الموضوع، وإني لأسأل الله التوفيق في القول والعمل.

أولاً: إنَّ الدراسات المتقدمة والمتأخرة قد تناولت هذا الموضوع بطرق شتى، وسأذكر نوعين من الدراسات المعاصرة من باب بيان أمثلة لهذه الدراسات، وليس من باب استقرائها.

الدراسة الأولى: دراسة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في كتابه (حديث الأحرف السبعة).

وقد تميَّزت هذه الدراسة بالاستقراء لحديث الأحرف السبعة ودراسة سنده، ثم استقراء أراء العلماء في المراد بها مع الاستدراك على كل قول بما فيه من وجوه الضعف.

وبعد استدراكاته هذه خلُص إلى رأيه المتميز في المراد بالأحرف السبعة، وشرحه مبينا مأخذ كل قيد ذكره في التعريف. ومن أهم ما يحسن التنبه له في هذا الرأي أنه اعتمد على نص الحديث في استنباط معنى الأحرف، وهذه سابقة جيدة تفكُّ شيئًا كبيرًا من معنى هذه الأحرف.

ثم طرح بعد ذلك الحكمة من الأحرف السبعة، ثم ذكر فصولاً تتعلق بالقراءات وصلتها بالأحرف السبعة، وما يتعلق بتواترها، ثم ما يتعلق بمعنى الاختيار وحقيقته.

وتُعدُّ هذه الدراسة أنفس ما كُتِب في هذا الموضوع.

وإني لأنوه هنا بأن هذا المنهج الذي سلكه الشيخ عبد العزيز في طريقة دراسة الأحرف هو المنهج السديد في دراسة كثير من موضوعات علوم القرآن المعلَّقة أو الناقصة بحثًا، حيث يتم جمع الآثار المتعلقة بالموضوع، ثم يقوم الباحث بدراسة تلك النصوص واستنباط الفوائد والأحكام منها.

وسأعرض لكم لاحقًا ـ إن شاء الله ـ أمرًا يتعلق بعلوم القرآن، وهو (علوم القرآن بين الآثار والاستنباط)، وسأطرق فيه ما يمكن أن يكون فيه الرأي من هذه الموضوعات.

الدراسة الثانية: دراسة الدكتور حسن ضياء الدين عتر في كتابه (الأحرف السبعة ومنْزلة القراءات منها).

وهي دراسة واسعة للأحرف السبعة، ومن أبرز ما فيها أن المؤلف أنه يذكر الحديث، ثم يذكر ما يحمله الحديث من فوائد متعلقة بالموضوع.

وهذه طريقة حسنة في دراسة الموضوع، وفي الكتاب مسائل وفوائد كثيرة تتعلق بهذا الموضوع، وهو من الكتب المفيدة في هذا الموضوع، وإن كان المؤلف لم يخرج فيه عن أن الأحرف السبعة سبع لغات هي أشهر وأفصح لغات العرب أنزل الله القرآن بها (ص: 177).

الدراسة:

المسألة الأولى:

لقد نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، وبقي في المدينة مدة من الزمن يقرأ بما كان يقرأ به في مكة.

ولم ينْزل عليه الترخيص بالقراءة بالأحرف السبعة إلا في المدينة، كما هو ظاهر من حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، قال: فأتاه جبريل عليه السلام، فقال:» إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير