[نظرات في علوم القرآن (1) العموم والخصوص]
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 May 2003, 01:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
علوم القرآن من العلوم التي لم تنضج بعد، ولا زالت بحاجة إلى إعادة نظر، وإضافة ونقد وتحرير. وسأذكر في هذه السلسلة المباركة إن شاء الله طروحات تتعلق بهذا الموضوع، وستكون موضوعات متفرقة غير مرتبة، وسأطرح منها حسب ما يتيسر لي من الوقت في الكتابة فيه، وقد كنت أتمنى لو أسير على تصنيف السيوطي في الإتقان، وأذكر تحت كل موضوع يطرحه تلخيصًا لما يطرحه، ثم أطرح ما في جعبتي من تتميم واستدراك ونقد، لكن هذا يتطلَّب وقتًا لا أراه بين يدي الآن، وعسى الله أن ييسِّر لي ذلك مستقبًلا، إنه سميع مجيب.
وقبل الحديث عن هذه الموضوعات أذكر أنَّ من أبرز ما يحتاج إلى تجديد في هذا العلم:
[ line]
الأولى: تحرير تأثر الكتابة في هذا العلم بما تحررت كتابته في العلوم الأخرى.
الثانية: حاجة هذا العلم إلى التجديد من جهة تحرير مصطلحاته بناءً على استقراء أمثلة الموضوعات في كلام السلف وتفاسيرهم.
الثالثة: وضع كشاف للنصوص الواردة عن السلف يكون مفهرسًا فهرسة موضوعية، بحيث يورد فيه كل الجزئيات المذكورة في كلام السلف حسب الموضوعات الدقيقة الجزئية الواردة في نصوصهم، وهذا العمل ـ لو تَمَّ ـ فإنه نفيسٌ جدًّا، وهو مما يفيد الباحثين في موضوعات علوم القرآن.
[ line]
وسأطرح أمثلة تتعلق بالنقطة الأولى والثانية في الموضوعات التي ألقيها في هذه السلسلة، أما المسألة الثالثة، فأطرح فكرتها هنا؛ لأنها لن تمرَّ في هذه الموضوعات المطروحة:مثال:
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:» لما نزلت: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قلنا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟.
قال: ليس كما تقولون: (لم يلبسوا إيمانهم بظلم): بشرك، أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) «.
يمكن فهرسة الموضوعات الموجودة في هذا الأثر على شكل الفوائد الآتية:
1 ـ أن الصحابة إذا أشكل عليهم شيء من القرآن سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم. (مشكل التفسير عند الصحابة).
2 ـ أن الصحابة كانوا يجتهدون في فهم المعنى، فإذا أشكل عليهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهاهم عن سلوك هذا السبيل، بل أرشدهم إلى معنى الآية. (اجتهاد الصحابة في التفسير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم).
3 ـ أن الصحابة كانوا يرجعون إلى المعروف من لغتهم العربية، ففسروا الظلم بما يعرفون. (الأخذ بلغة العرب عند الصحابة)
4 ـ أنهم أخذوا بعموم الظلم، وهذا دليل على أنهم يرون أن ألفاظ القرآن علة العموم. (الأخذ بعموم اللفظ عند الصحابة)
5 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المرجع في بيان القرآن. (التفسير النبوي للقرآن)
6 ـ أن تفسير القرآن بالقرآن منهج صحيح لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم. (تفسير القرآن بالقرآن).
[ line]
أولاً: موضوع العموم والخصوص.
لم يخرج من كَتَبَ في موضوع العموم والخصوص في الدراسات القرآنية من ربقة علم أصول الفقه، فصار الحديث في هذا الموضوع نسخة مكررة عما هو موجود في كتب أصول الفقه إلا في القليل النادر.
ويلاحظ على موضوع العموم والخصوص المطروح في علوم القرآن:
1 ـ أنه ـ في الغالب ـ يتعلق بعلم الأحكام الشرعية، وهذا في حقيقته جزء من مسألة العموم، وليس كل ما يتعلق بالعموم في القرآن.
2 ـ أنه لا يبعد أن يكون الموضوع المتعلق بالعموم والخصوص من جهة تعلقه بالأحكام الشرعية = أقلَّ من غيره مما ستراه منسيًا في بحث هذا الموضوع في علوم القرآن.
* ملخص مبحث العموم والخصوص في كتاب الإتقان:
طرق السيوطي هذا الموضوع في النوع الخامس والأربعين من أنوع علوم القرآن (3: 43 ـ 51)، وبيَّن فيه تعريف العام، وألفاظ العموم وصيغه، وأقسام العام (العام الباقي على عمومه، والعام المراد به الخصوص، والعام المخصوص) وقد ذكر ستة فروق بين القسمين الأخيرين، ثم أورد مخصص العام المتصل ومخصص العام المنفصل، ثم ذكر تخصيص القرآن بالسنة في فصل، ثم ذكر خمسة مسائل منثورة فيه تتعلق بالعموم والخصوص.
¥