تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[صيد الخاطر من كتاب الله]

ـ[مرهف]ــــــــ[27 May 2003, 04:57 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

يظهر كثير من الغيورين على المسلمين تخوفاً على أنفسهم وإخوانهم المسلمين من الانفتاح السريع الذي يمر به العالم الإسلامي والمسلمون أيضاً، والحق معهم في هذا التخوف لأن ذلك يعد من الفتنة للمؤمنين، ونحن نرى نوع الافتتان الذي يفتتن به المؤمنون والمؤمنات في العالم سواء كان أخلاقياً أو عقائدياً أو تشريعياً أو اجتماعياً .. إنه افتتان شامل .. ولكن وأنا أقرأ قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (الأنعام:11) انتابني نوع من الدهشة التي تنبه الشارد من شتاته، في الوقت الذي كان فيه ذهني قد شت بالتفكير بأولئك الذين تقوقعوا في بيوتهم وأقفلوا أبوابهم خوفاً من أن يصلهم فيضان الانفتاح الفظيع،وصرت أجول بفكري في الآيات المشابهة فمررت بقوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (النمل:69)

ثم قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت:20)

ثم قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) (الروم:42)

ثم قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) (سبأ:18).

فرأيت في مجموع هذه الآيات ما ينبغي أن ينتبه له كل مسلم يقرأ كتاب الله، إن الله تعالى يأمرنا بأن نسير في الأرض ـ والأمر عام للمسلم والكافر ـ ولكن الله تعالى يغري عباده بهذا السير ويشوقهم إليه بالنتائج التي سيصلون إليها وإن كانت هذه النتائج يختلف اكتسابها بين المؤمن والكافر، فالكافر يقف عند الاعتبار بها ليفكر في عاقبته ويسارع في توبته وينشط من رقدته.

أما المؤمن فإن سياحته هذه تزيد من يقينه بربه جل وعلا، وتعزز إيمانه بقدرة الله وقوته عندما يقف عند معالم وآثار الذين خلوا ويستحضر في مخيلته قوتهم وبطشهم وأفاعيلهم بالأنبياء وأتباعهم ومكرهم في الليل والنهار بالمؤمنين فهل أغنى عنهم ذلك من الله شيئاً؟

أليس أمثال هؤلاء سمعنا بهم في التاريخ وكيف كان بطشهم وكيف كانت قوتهم ثم: (وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) (طه:127)

يا إلهي كم من دولة طغت واستكبرت واغترت بما آتيتها وقالت كما قال قارون: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) وكان جوابك له ولأمثاله من الأشخاص والأمم: (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (القصص:78)

أين هي عاد الذي غدت مضرب المثل في القوة والجبروت: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ) (فصلت:15).

فيا أخي: لا تبتئس ولا تجزع واعلم أن ما كان له بداية لابد له من نهاية، والذي يثبت في الوجود هو الحق لا غير، والله ناصر جنده ومقيم دينه، ورافع رايته، ولا يهولنك كثرة وسطوة وقوة الكافرين، واقرأ معي مرة أخرى:

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (الروم:9)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير