[مسألة دعوى تكرار النزول هل تصح؟]
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[16 May 2003, 02:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر العلماء – رحمهم الله - أنه إذا تعددت الروايات في سبب النزول فإنها لاتخلوا من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تكون جميع الروايات غير صريحة؛ فتحمل حينئذ على أنها من قبيل التفسير وليس المراد ذكر سبب النزول.
الحالة الثانية: أن يكون بعضها صريح وبعضها غير صريح؛ فالمعتمد حينئذ هو الصريح.
الحالة الثالثة: أن يكون الجميع صريحا، وهذه لها حالات:
1 - أن يكون أحد الروايات صحيحا والآخر غير صحيح؛ فالمعتمد حينئذ الصحيح.
2 - أن يكون الجميع صحيحاً، وهنا يكون الجمع إن أمكن، وإلا فالترجيح إن أمكن، وإلا حمل على تعدد النزول وتكراره. [انظر: مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان، ص: 92]
والسؤال هو: هل تصح دعوى تكرار النزول؟
يلاحظ أن دعوى تكرار النزول إنما لجأ إليها المتأخرون فراراً من ترجيح أحد الروايات على الأخرى.
والحقيقة أن هذه الدعوى لا تثبت أمام الدراسة والتحقيق، ومما يرد هذه الدعوى:
1 - أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم القول بتكرار نزول شيء من آي القرآن.
2 - أن في القرآن آيات تكرر نزولها وكتبت مكررة، إما في سورة واحدة، أو في عدة سور، وقد تتكر مع تغاير يسير في الللفظ.
مثال الأول: قوله تعالى:} تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {[البقرة: 134، 141]
ومثال الثاني: قوله تعالى:} وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {[يونس: 48، الأنبياء: 38، النمل: 71]
ومثال الثالث: قوله تعالى:} يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {[التوبة: 32] وقوله تعالى:} يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {[الصف: 8]
وعليه فإن دعوى تكرار النزول دون تكرار اللفظ لا يعضدها دليل.
علماً بأن هذه الدعوى ليست محل اتفاق بين العلماء فهناك من توقف فيها مثل الشيخ مناع القطان رحمه الله، والدكتور فضل عباس وغيرهما.
وهذه المسألة لا زالت تحتاج إلى مزيد من التحقيق والدراسة، ولعل من له اطلاع حول هذه المسألة أن يفيدنا بما عنده.والله تعالى أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 May 2003, 09:46 م]ـ
بسم الله
المسألة التي أشرت إليها أخي أحمد وفقك الله بحثها الأستاذ الشيخ محمد بن عبد الرحمن الشايع في كتابه نزول القرآن الكريم بتوسع، وذكر القولين في هذه المسألة، وأدلة كل قول، ثم درس بعض النماذج التي قيل بتكرار نزولها، وعرض بالتفصيل لأقوال المفسرين في تكرار نزول كل مثال، ثم قال في خاتمة بحثه لهذه المسألة: (ونتبين مما سبق أنه أمكن الترجيح بين ما ورد من روايات مختلفة في أسباب نزول بعض السور والآيات، تلك الروايات التي كانت الدافع الأقوى للقول بتكرار النزول لتوهم عدم إمكان الجمع بينها أو ترجيح أحدها. وبهذا الترجيح وما تقدم من أدلة يتبين ضعف القول بتكرار النزول، وعدم صحته، وسقوط حجته، وانتفاء حاجته. والله أعلم.) انتهى كلام الشيخ الشايع وفقه الله. ينظر كتابه المشار إليه اعلاه ص80 - 113
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[17 May 2003, 06:55 م]ـ
بسم الله والحمد لله وبعد:
فإشارة إلى تساؤل زميلي الشيخ أحمد القصير حول مسألة تكرار النزول يسرني أن أبدأ مشاركتي في هذا الملتقى المبارك بالمشاركة في إجابة هذا التساؤل فأقول:
قد تأتي روايات مختلفة في سبب نزول آية معينة وهذا أمر معروف ووارد ومعرفة الموقف الصحيح تجاه هذه الروايات وكيفية التوفيق بينها من أنفع ما يكون للناظر في كتب أسباب النزول خاصة وكتب التفسير والحديث وغيرها. كثيرا ما تورد أسباب نزول مختلفة لنزول آية معينة.
وفي هذه الحال ينبغي النظر إلى تلك الروايات وتمحيص سبب النزول من غيره وذلك حسب المراحل التالية:
¥