تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرة في مصطلح (التفسير العلمي)]

ـ[مرهف]ــــــــ[27 Apr 2003, 09:37 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[نظرة في مصطلح (التفسير العلمي)]

هذه أول مشاركة لي في منتدى أهل التفسير، وهو شرف لي أن أكون أحد أعضائه وبعد:

إننا نجد اليوم من يكتب في الإعجاز العلمي، والتفسير العلمي في القرآن الكريم، وأكثر من يكتب ليس مختصاً في التفسير مما يستدعي الشطط والخروج عن التفسير، مما استدعى إيضاح كثير من النواحي الغامضة في الأسلوب الذي ينبغي أن يسلكه من أراد الخوض في هذه المجازفة، ومن المعلوم أن أفضل أسلوب للنتاج العلمي هو تلاقح الأفكار وتبادل السؤال والجواب مع الدليل.

ولعل القارئ الكريم يعلم أن العلمانيين حاولوا إسقاط التصور الغربي للدين ـ المتمثل بالكنيسة ـ على الإسلام، وإقناع مثقفي المسلمين بأن (الدين) يختلف عن العلم، بل يحارب العلم كما كانت تفعل الكنيسة بمن يتصدر لإبداء نظرية علمية، وظل التفريق بين العلم والدين يأخذ دوراً كبيراً ويعزز في أذهان المسلمين حتى اقتنع فئة كبيرة بهذا التفريق من المثقفين وممن سيطرت عليهم هجمة الإرهاب العالمي، مما أدى إلى انقسام الدعاة إلى فريق يدافع عن الإسلام بأنه شجع على العلم بشتى أنواعه، وفريق يبرهن على ذلك ولكن بأسلوب المقارنة بين الدين والعلم، فصرت ترى مثلاً (خلق الإنسان بين العلم والقرآن) وغير ذلك مما شابهه، ومن المعلوم أن الواو تفيد المغيرة، يعني أن القرآن غير العلم، ومع بدء الغرب بالاكتشافات العلمية ـ في الوقت الذي كان يسعى فيه الأعداء عند احتلالهم لبلاد المسلمين بعد سقوط الخلافة وإقامة النظم العلمانية إلى تجهيل المسلمين وإبعادهم عن سبل البحث العلمي وتطويره ـ ثم تقدم الغرب في ذلك مما أدى إلى انبهار كثير من العلماء بالغرب واكتشافاته، فأرادوا أن يبينوا للناس أن القرآن قد سبق إلى هذه العلوم فأخذوا يبحثون في آيات الله تعالى ـ كلما ظهرت نظرية لم يتحقق صدقها بعد ـ عن آية تبين ما اكتشفه الغرب فظهرت تفاسير محمد عبده الغريبة لبعض آيات من كتاب الله أخرجت الألفاظ القرآنية عن مقتضى دلالتها، وأبعد النجعة في بيان معانيها، وظهر تفسير الجواهر الذي حوى من العلوم ما لا علاقة له بالتفسير، فشط بعيداً عن التفسير.

وما زالت التجارب مستمرة في الكتابة في التفسير العلمي، ولكن ألا ترون أن هذا المصطلح الذي صار علماً على تفسير الآيات التي تتحدث عن الكونيات مصطلحاً علمانياً؟

إنني أرى عدم جواز استخدام هذا المصطلح وذلك لأننا نخرج التفسير بالمأثور عن كونه علمياً، مع أننا نجد كثيراً مما ورد عن السلف الصالح من تفسير الآيات التي تتحدث عن الكونيات قد أكدها البحث والاكتشافات الحديثة ومثال ذلك قوله تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (الحجر:21) فقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ما نقص المطر منذ أنزله الله ولكن تمطر أرض أكثر مما تمطر أخرى، وقرأ هذه الآية.).و أخرج ابن جرير وغيره عن الحكم بن عتبة قال: (ما من عام بأكثر مطراً من عام آخر، ولكنه يمطر قوم ويحرم آخرون، وربما كان في البحر.)

وهذا الذي أكدته الإحصائيات الحديثة بأن نسبة المطر التي تنزل في العالم واحدة ولكن تزيد عند دول وتنقص عند أخرى، ومنه يكون الفيضانات والخراب عند قوم، والجفاف والقحط عند آخرين بتقدير الله تعالى، فماذا نسمي ما قاله ابن عباس رضي الله عنه، ثم ماذا نسمي تفسير الآيات التي تتحدث عن العبادات والحدود والجهاد .. الخ أليست هي علم في شريعتنا؟.

إن مفهوم العلم عند المسلمين يشمل كل جوانب الحياة ولا يختص بمجموعة دون أخرى، ولعل ما يؤكد ذلك هو قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير