تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الثاني: مسائل مهمة في نزول القرآن)]

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Apr 2003, 03:21 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا هو الدرس الثاني من دروس علوم القرآن، وسيكون في موضوع مهم من موضوعات هذا العلم، وقد وقع أكثر من كتب فيه من المؤلفين في علوم القرآن في أخطاء وزلات ينبغي التنبه لها والحذر من الوقوع فيها.

وسيكون الحديث في هذا الموضوع في مسائل:

المسألة الأولى:في معنى النزول:

النزول في اللغة: النزول في الأصل انحطاط من علو، ويطلق ويراد به الحلول، كقوله تعالى: (فإذا نزل بساحتهم) أي: حلّ. يقال: نزل فلان بالمدينة: أي حل بها.

وأمّا معنى النزول في الشرع فهو نفس معناه في اللغة، فالمراد الشرعي بكلمة "نزول" هو حقيقتها اللغوية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (ليس في القرآن ولا في السنة لفظ "نزول" إلا وفيه معنى النزول المعروف، وهذا هو اللائق به، فإنه نزل بلغة العرب، ولا تعرف العرب نزولاً إلا بهذا المعنى، ولو أريد غير هذا لكان خطاباً بغير لغتها، ثم هو استعمال اللفظ المعروف له معنى في معنى آخر بلا بيان، وهذا لا يجوز .... ) اه من مجموع الفتاوي [12/ 257].

إذا تقرر هذا تبين لنا خطأ من قال: إن المعنيين اللغويين للنزول لا يليقان بنزول القرآن على وجه الحقيقة لاقتضائهما الجسمية والمكانية والإنتقال، فلا بد من حمل نزول القرآن على معنى مجازي، وليكن هذا المعنى المجازي لإنزال القرآن هو الإعلام في جميع إطلاقاته، إلى آخر ما ذكروه في هذا المعنى. [ذكر معنى هذا الكلام كثير ممن ألف في علوم القرآن وتكلم عن نزوله، ومن أشهرهم الزرقاني في كتابه المعروف:مناهل العرفان 1/ 42 - 43، والشيخ محمد أبو شهبه في كتابه: المدخل لدراسة القرآن الكريم ص 44، 45.]

فهذا الكلام الذي ذكروه مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، ولا حاجة لتفسير النزول بمعان مجازية غير معروفة في الكلام العربي الذي نزل به القرآن.

فنزول القرآن نزول حقيقي ليس بمجاز، ويدل على هذا بوضوح الآيات التي جاء فيها توكيد لفظ النزول بالمصدر، كما في قوله تعالى: (ونزّلناه تنزيلاً)، وقوله سبحانه: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً).

قال النحاس رحمه الله في إعراب القرآن 1/ 507: (وأجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازاً) اه.

يمكن الرجوع إلى المراجع التالية لمن أراد الإستزادة:

1 - كتاب القراءات وأثرها في التفسير والأحكام

2 - كتاب الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية كلاهما للشيخ محمد بن عمر بازمول.

3 - كتاب مناهل العرفان للزرقاني دراسة وتقويم للشيخ خالد بن عثمان السبت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسألة الثانية من مسائل نزول القرآن: كيف أنزل القرآن؟

من المعلومات التي لا مجال للشك فيها في دين الإسلام أن القرآن الكريم لم ينزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جملة واحدة كما هو الشأن في الكتب السالفة كالتوراة والإنجيل، وإنما نزل مفرقاً حسب الوقائع والأحداث منذ البعثة حتى آخر حياة النبي عليه الصلاة والسلام. قال تعالى: (وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً). وقال جلّ وعلا: (وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً).

ولا يتعارض هذا مع الآيات التي صرح فيها بإنزال القرآن في شهر رمضان في الليلة المباركة التي هي ليلة القدر كما في قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)، وقوله سبحانه: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)، وقوله: (إنا أنزلناه في ليلة القدر).

فالمراد بإنزال القرآن في الآيات الثلاث السابقة إما ابتداء نزوله كما ذهب إلى ذلك بعض علماء السلف، وهو وجه محتمل. وأقوى منه أن المراد بالإنزال في هذه الآيات ما صح وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره أنه نزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير