تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الثالث: مسائل في الوحي)]

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Apr 2003, 09:50 ص]ـ

بسم الله

الوحي في اللغة: الإشارة، والكتابة، والإلهام، والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك. [لسان العرب لابن منظور 15/ 239 - 240، مادة (وحي)]

وأصل الوحي: الإشارة السريعة كما في مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص 858، وقال بعضهم: أصله في اللغة إعلامٌ في خفاء كما في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الحلبي 4/ 335.

وأمَّا تعريف الوحي في الاصطلاح الشرعي، فقد اختلفت عبارات العلماء في تعريفه، فمنهم من أوجز فقال: (هو الإعلام بالشرع، وقد يطلق الوحي ويراد به اسم المفعول منه، أي الموحى، وهو كلام الله المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم) [فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر 1/ 14 – 15].

ومنهم من أسهب فقال: (الوحي معناه في الشرع أن يُعلم الله تعالى من اصطفاه من عباده كلّ ما أراد إطلاعه إليه من ألوان الهداية والعلم، ولكن بطريقة سرية خفية غير معتادة للبشر) [مناهل العرفان لمحمد عبدالعظيم الزرقاني 1/ 64].

ومنهم من أراد أن يأتي بما لم يأت به السابقون فقال: (وقد عرفوه شرعاً: بأنه إعلام الله تعالى لنبي من أنبيائه بحكم شرعي ونحوه، أمَّا نحن فنعرفه على شرطنا بأنه عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة، والأول بصوت يتمثل لسمعه أو بغيرصوت، ويفرق بينه وبين الإلهام بأن الإلهام وجدان تستيقنه النفس وتنساق إلى ما يطلب من غير شعور منها من أين أتى، وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور) [هذا تعريف محمد عبده للوحي في رسالة التوحيد كما نقله عنه تلميذه محمد رشيد رضا في كتاب الوحي المحمدي ص 44، 45، ونقله غيره من العلماء الذين ألّفوا في علوم القرآن. وانظر نقد هذا التعريف وبيان المآخذ عليه كتاب منهج المدرسة العقليَّة الحديثة في التفسير للدكتور فهد ابن عبدالرحمن الرومي 2/ 486 ومابعدها.]

وكل التعريفات السابقة لم تخل من مقال ونقد.

ولعل الأقرب في بيان معنى الوحي في الشرع أن يقال: هو إعلام الله تعالى لمن اصطفاه من عباده بطريق خفية سريعة. [من كتاب علوم القرآن الكريم للدكتور نور الدين عتر ص 15.]

وهذا التعريف عندما يطلق الوحي ويراد به المصدر.

وأمَّا إذا أطلق وأريد به اسم المفعول (الموحَى) فإنه يقال في تعريفه: هو ما أنزله الله على أنبيائه وعرّفهم به من أنباء الغيب والشرائع والحكم. [من كتاب الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص 44].

ولمزيد من الإيضاح والبيان لمعنى الوحي الاصطلاحي الشرعي يُقال: (ينقسم الوحي بمعناه الاصطلاحي إلى قسمين أساسين:

1 - وحي الله إلى ملائكته.

2 - وحي الله إلى رسوله من البشر.

وبيان ذلك: أنه قد جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية ما يبين أن الله يكلم الملائكة ويوحي إليهم، كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ... } الآيات [البقرة: 30]، وقال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا"} الآية [الأنفال: 12].

والمذهب الصحيح الذي عليه أهل السنة والجماعة في كيفية وحي الله إلى جبريل بالقرآن أن جبريل - عليه السلام - قد سمع القرآن الكريم من الله تعالى بكلامه المخصوص وبالكيفية التي يعلمها الله تعالى وحده.

ويؤيد هذا ويدل عليه ماجاء في الحديث الشريف عن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة، أو قال: رعدة شديدة خوفاً من الله عزوجل، فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا وخرّوا لله سجداً، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل - عليه السلام - فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثُمَّ يمر جبريل على الملائكة كلما مرّ بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: (قال الحق وهو العلي الكبير) فيقولون كلهم مثلما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عزوجل}. [هذا الحديث أخرجه الطبري في تفسيره 10/ 373، والبيهقي في الأسماء والصفات 1/ 511

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير