تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كتبَ ذلك في صحيفة واحدةٍ، فكانت عنده. فلما هلك، كانت الصحيفةُ عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن حذيفة بن اليمان قدِم من غزوة كان غزاها بِمَرْج أرْمينِية فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان بن عفان فقال: "يا أمير المؤمنين: أدرِكِ الناس! فقال عثمان: "وما ذاك؟ " قال غزوت مَرْج أرمينية، فحضرها أهلُ العراق وأهلُ الشام، فإذا أهل الشام يقرءون بقراءة أبيّ بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهلُ العراق، فتكفرهم أهلُ العراق. وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة ابن مسعود، فيأتون بما لم يسمع به أهل الشام، فتكفِّرهم أهلُ الشام. قال زيد: فأمرني عثمان بن عفان أكتبُ له مُصْحفًا، وقال: إنّي مدخلٌ معك رجلا لبيبًا فصيحًا، فما اجتمعتما عليه فاكتباه، وما اختلفتما فيه فارفعاه إليّ. فجعل معه أبان بن سعيد بن العاص، قال: فلما بلغنا (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) [سورة البقرة: 248] قال: زيد فقلت: "التابوه" وقال أبان بن سعيد: "التابوت فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب: "التابوت" قال: فلما فرغتُ عرضته عَرْضةً، فلم أجد فيه هذه الآية: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [سورة الأحزاب: 23] قال: فاستعرضتُ المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدْها عند أحد منهم، ثم استعرضتُ الأنصارَ أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم،، حتى وجدُتها عند خُزيمة بن ثابت، فكتبتها، ثم عرَضته عَرضَةً أخرى، فلم أجد فيه هاتين الآيتين: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [سورة التوبة: 128، 129] فاستعرضت المهاجرين، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصارَ أسألهم عنها فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها مع رَجل آخر يدعى خُزيمة أيضًا، فأثبتها في آخر "براءة"، ولو تمَتْ ثلاثَ آيات لجعلتها سورة على حِدَةٍ. ثم عرضته عرضةً أخرى، فلم أجد فيه شيئًا، ثم أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة، وحلف لها ليردنها إليها فأعطته إياها، فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شيء. فردَّها إليها، وطابت نفسه، وأمرَ الناس أن يكتبوا مصاحفَ. فلما ماتت حفصةُ أرسل إلى عبد الله بن عمر في الصحيفة بعزمة، فأعطاهم إياها فغسلتْ غسلًا .... 61 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن عُلَية، قال: حدثنا أيوب، عن أبي قِلَابة، قال: لما كان في خلافة عثمان، جعل المعلِّم يعلِّم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءةَ الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين - قال أيوب: فلا أعلمه إلا قال-: حتى كفر بعضهم بقراءة بعض. فبلغ ذلك عثمان، فقام خطيبًا فقال: "أنتم عندي تختلفون فيه وتلحنون، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد فيه اختلافًا وأشد لحنًا. اجتمعوا يا أصحابَ محمد، فاكتبوا للناس إمامًا". قال أبو قلابة، فحدثني أنس بن مالك قال: كنت فيمن يملى عليهم، قال: فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعلهُ أن يكون غائبًا أو في بعض البوادي، فيكتبون ما قبلها وما بعدها، ويَدعون موضعها، حتى يجيءَ أو يُرْسَلَ إليه. فلما فرغ من المصحف، كتب عثمان إلى أهل الأمصار: "إني قد صَنعتُ كذا وكذا، ومحوتُ ما عندي، فامحوا عندكم".62 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس قال: قال ابن شهاب: أخبرني أنس بن مالك الأنصاري: أنه اجتمع في غزوة أذربيجان وأرمينيةَ أهلُ الشام وأهل العراق، فتذاكرُوا القرآن، واختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة. فركبَ حُذيفةُ بن اليمان - لما رأى اختلافهم في القرآن - إلى عثمان، فقال: "إنّ الناس قد اختلفوا في القرآن، حتى إني والله لأخشى أن يصيبهم مثلُ ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف". قال: ففزع لذلك فزعًا شديدًا، فأرسل إلى حفصة فاستخرج الصحف التي كان أبو بكر أمر زيدًا بجمعها، فنسخ منها مصاحف، فبعث بها إلى الآفاق. 63 - حدثني سعيد بن الربيع، قال:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير