تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 May 2009, 12:04 م]ـ

ويبقى النظر في معنى "الحرف" في الحديث، وما المراد به؟

وقد كنت كتبت بياناً مختصرا في هذه المسألة في رسالة الماجستير، ونصه:

(الحرف في الأصل: الطرف والجانب والحدّ، فحرف الشيء طرفه، ومنه حرف الجبل، والسيف والسفينة لأطرافها، وحروف الهجاء: أطراف الكلمة، والحروف العوامل في النحو: أطراف الكلمات الرابطة لبعضها ببعض ([1]).

وأمَّا كلمة حرف في الاصطلاح فلها عدة إطلاقات:

فهي تطلق على حرف الهجاء في اصطلاح الكاتبين والقارئين، وتطلق على الكلمة غير المستقلة بالمعنى التي تربط بين الاسم والفعل أو بين الاسم والاسم في اصطلاح النحويين، مثل على وعن ونحوهما، وتطلق على كل كلمة تقرأ على وجوه متعددة من القرآن في اصطلاح علماء القراءات، تقول: هذا في حرف ابن مسعود أي في قراءة ابن مسعود ([2]).

وأمَّا معنى الحرف في عرف الشارع فهو الكلمة لا حرف الهجاء، ولذلك فإن لفظة {حرف} من الألفاظ التي شاع لها معنى غير المعنى المراد بها شرعاً ([3]).

فالمشهور الشائع عند أكثر الناس عندما يسمعون - مثلاً - حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: {من قرأ القرآن، فله بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول (الم) حرف، لكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف} ([4]) أن معنى الحرف هنا حرف الهجاء، ويبنون على هذا الفهم أن قراءة كلمة (الحمد) مثلاً يحصل القارئ لها على خمسين حسنة لأن له بكل حرف عشر حسنات، وهذا فهم خاطيء وإن كان هو المشهور عند أكثر الناس.

والصحيح أن معنى {الحرف} في هذا الحديث هو {الكلمة}.

قال ابن الجزري ([5]) - رحمه الله -: (وقد سألت شيخنا شيخ الإسلام ابن كثير - رحمه الله تعالى -: ما المراد بالحرف في الحديث؟ فقال: الكلمة، لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: {من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف}.

وهذا الذي ذكره هو الصحيح، إذ لو كان المراد بالحرف حرف الهجاء لكان ألف بثلاثة أحرف، ولام بثلاثة، وميم بثلاثة، وقد يَعْسُر على فهم بعض الناس فينبغي أن يتفطن له، فكثير من الناس لايعرفه) ([6]) ا هـ.)

الحواشي والتعليقات


([1]) انظر: تهذيب اللغة للأزهري 5/ 12، 13، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس 2/ 42، ولسان العرب لابن منظور 3/ 127، 128، وانظر كذلك: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص 228، وعمدة الحفاظ للسمين الحلبي 1/ 453.
([2]) انظر: تهذيب اللغة ولسان العرب في المواضع السابقة، وانظر: كتاب الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها للدكتور حسن ضياء الدين عتر ص 120.
([3]) انظر: كتاب الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية لمحمد عمر بازمول ص 78.
([4]) أخرجه الترمذي في كتاب فضائل القرآن، باب: ماجاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن ماله من الأجر رقم [2910] 5/ 161 من حديث عبدالله بن مسعود، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم [2327] 3/ 9: صحيح. وقد قرر الدكتور خالد أن الصحيح وقفه.
([5]) هو: محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف، أبو الخير، شمس الدين الدمشقي، المشهور بابن الجزري شيخ الإقراء في زمانه، ومن حفاظ الحديث، من كتبه: النشر في القراءات العشر، ومنجد المقرئين، وطيبة النشر في القراءات العشر، وغيرها كثير، توفي سنة 833 هـ. انظر: الأعلام للزركلي 7/ 45، 46.
([6]) النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/ 453 - 454، وانظر: تقرير ذلك في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 12/ 103 - 113.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Apr 2010, 11:50 م]ـ
فضلُ الله أوسعُ يا أبا مجاهد رعاك الله وجزاك خيراً.
ألا ترى أن القطع بأنَّ الحرف في الحديث ليس حرف الهجاء قابلٌ للنقاش، فالحديث ليس قاطعاً - في نظري - بأنه ليس المقصود حرف الهجاء كما فهم ابن كثير رحمه الله. ولعله أيده كما تقول ابن تيمية وغيره. فهل من بيان أوسع لمثلي حول هذه النقطة وفقك الله؟

ـ[المشارك7]ــــــــ[29 Apr 2010, 02:53 م]ـ
لاثراء الحوار ...
قال الشيخ الفاضل ابو مجاهد وفقه الله وسلمه:

وأمَّا معنى الحرف في عرف الشارع فهو الكلمة لا حرف الهجاء.

وعليه:
فمعنى قول ابن مسعود ((من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات))
فله بكل كلمة عشر حسنات هذا معنى متبادر وظاهر وهو الذي يفهم بناء على ما سبق.
السؤال: لم قال ابن مسعود بعد ذلك:
((لا أقول (الم) حرف))؟
قاله لدفع توهم.
والتوهم الذي يُراد دفعه في الظاهر هو المعنى المتبادر السابق ذكره.
ولاسيما مع ملاحظة ان الحديث سيق لبيان عظم اجر قارئ القران وهذا الاجر وهو ان بكل كلمة عشر حسنات مفهوم ظاهر من كلام ابن مسعود ان بكل حرف عشر حسنات ولكن لعل ظاهر الكلام ان ابن مسعود اراد اثبات اجر اعظم من الذي يتبادر الى الذهن. ولذلك تراه فصل وقال: الف حرف ولام حرف وميم حرف. ولو كان على ما رجحه الشيخ ابو مجاهد لم يكن داع لهذا التفصيل.
لعلكم شيخنا الفاضل تتأملون في هذا وتفيدوننا.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير