ـ[محمدين]ــــــــ[25 Jun 2004, 11:00 ص]ـ
الأخ الكريم:
ما هي درجة صحة حديث ينسب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يقول بما معناه: مات النبي عليه الصلاة والسلام ولم يفسر من القرآن إلا آيتين أو ثلاثاً.
هذا حديث مر بي فيما مضى ولم أستطع أن أعثر عليه مع أنه يبدو لي مشهوراً إذ مر في كثير من المواضع.
وشكراً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jun 2004, 02:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أثر عائشة الذي سألت عنه ذكره ابن جرير الطبري في مقدمة تفسيره، في باب: ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن.
وهذا نص كلامه:
(ذكر الأخبار
التي غلط في تأويلها منكر والقول في تأويل القرآن
فإن قال لنا قائل: فما أنت قائل فيما:-
90 - حدثكم به العباس بن عبد العظيم، قال: حدثنا محمد بن خالد ابن عثمة، قال: حدثني جعفر بن محمد الزبيري، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.
91 - حدثنا أبو بكر محمد بن يزيد الطرسوسي، قال: أخبرنا معن، عن جعفر بن خالد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن، إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل عليه السلام.)
ثم ذكر آثاراً أخرى في التحذير من القول في التفسير، ثم أجاب عنها بقوله:
(قيل له: أما الخبر الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، فإن ذلك مصحح ما قلنا من القول في الباب الماضي قبل، وهو: أن من تأويل القرآن ما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم. وذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه، الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة - لا يدرك علم تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أشبه ذلك مما تحويه آي القرآن، من سائر حكمه الذي جعل الله بيانه لخلقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلا يعلم أحد من خلق الله تأويل ذلك إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يعلمه رسول الله
< 1 - 88 >
صلى الله عليه وسلم إلا بتعليم الله إياه ذلك بوحيه إليه، إما مع جبريل، أو مع من شاء من رسله إليه. فذلك هو الآي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسرها لأصحابه بتعليم جبريل إياه، وهن لا شك آي ذوات عدد.
ومن آي القرآن ما قد ذكرنا أن الله جل ثناؤه استأثر بعلم تأويله، فلم يطلع على علمه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولكنهم يؤمنون بأنه من عنده، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله.
فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقد بين لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ببيان الله ذلك له بوحيه مع جبريل. وذلك هو المعنى الذي أمره الله ببيانه لهم فقال له جل ذكره: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون [سورة النحل: 44].
ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -أنه كان لا < 1 - 89 > يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد- هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغياء، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، كان إنما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم، لا ليبين لهم ما أنزل إليهم.
وفي أمر الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم ببلاغ ما أنزل إليه، وإعلامه إياه أنه إنما نزل إليه ما أنزل ليبين للناس ما نزل إليهم، وقيام الحجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ما أمره الله ببلاغه وأدائه على ما أمره به، وصحة الخبر عن عبد الله بن مسعود بقيله: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن - ما ينبئ عن جهل من ظن أو توهم أن معنى الخبر الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، هو أنه لم يكن يبين لأمته من تأويله إلا اليسير القليل منه.
¥