وعند التحقيق نجد أن الخلاف بين الجمهور وابن عبدالسلام خلاف يشبه أن يكون لفظيا،
فالجمهور يرون الثناء عند الإطلاق هو الثناء بالخير
ويرى ابن عبدالسلام أن الثناء يكون للخير والشر،
وليس هذا محل النزاع، فالجمهور لا يقولون بخلافه
وقصارى الأمر أن الثناء
من الألفاظ المشتركة، عند من يقولون بالاشتراك، ويترجح القول بالخير للقرأئن التي سبق طرف منها
ومن لا يقول به (أعني الاشتراك) يرده إلى التواطؤ أو الحقيقة والمجاز
وهذا يقودنا إلى مسألة أخرى، لا نفتح بابها،
أما السؤال الثاني:
فقد قيد العلماء الجميل بالاختياري، لأن الجميل في المخلوق ينقسم إلى قسمين
اختياري مكتسب منه، كالعلم، والعمل الصالح
وغير اختياري كجماله، ونسبه،
ولا يمنع كون صفات الله كلها اختيارية وليست قي حق الرب قسيمة الاضطرارية أن يوصف يقيد الجميل بذلك لأنه من باب دفع الوهم،
ودفع الإيهام سائغ في باب الصفات، ألا ترى إلى قوله تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم، مع أنه تعالى لاينام ولا ينبغي له أن ينام،
وقوله تعالى، ولقد خلقنا السموات والأرض في ستة أيام وما مسنا من لغوب،
فنفى التعب عنه تعالى عند خلق السموات مع التعب منفي عنه مطلقا،
لدفع الإيهام،
وأمثاله في القرآن كقوله: وما الله بغافل عما تعملون
فليس تعالى بغافل مطلقا، لا عنهم ولا عن غيرهم
لكن جاء هنا لدفع التوهم
قال الشوكاني (فتح القدير ج: 1 ص: 19)
الحمد لله الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري وبقيد الاختيار فارق المدح فإنه يكون على الجميل وإن لم يكن الممدوح مختارا كمدح الرجل على جماله وقوته وشجاعته
وفي الإقناع للشربيني ج: 1 ص: 7
بالاختياري (يعني خرج بالاختياري) المدح فإنه يعم الاختياري وغيره تقول مدحت اللؤلؤة على حسنها دون حمدتها
وفي قواعد الفقه ج: 1 ص: 474
المدح هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري قصدا قاله السيد و في المصباح مدحته إذا أثنيت عليه بما فيه من (الصفات) الجميلة خلقة كانت أو اختيارية ولهذا كان المدح أعم من الحمد
انتهى
هذه مباحثة أرجو أن يكون فيها فائدة، إن كنت فهمت السؤال،
كتبه عبدالله بن بلقاسم بن عبدالله
النماص،
ـ[المشارك7]ــــــــ[23 May 2003, 09:04 ص]ـ
قال الشيخ زيد بن عبد العزيز بن فياض في كتابه الروضة الندية شرح الواسطية ص5:
(والحمد اخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه واجلاله [انظر بدائع الفوائد 2/ 93]
وقال العلامة بن القيم رحمه الله (مدارج السالكين 1/ 64):واثبات الحمد الكامل له يقتضي ثبوت كل ما يحمد عليه من صفات كماله ونعوت جلاله اذ من عدم صفات الكمال فليس بمحمود على الاطلاق وغايته انه محمود من وجه دون وجه ولايكون محمودا من كل وجه وبكل اعتبار بجميع انواع المحامد الا من استولى على صفات الكمال جميعها فلو عدم منها صفة واحدة لنقص من حمده بحسبها.
وقال الشيخ -اي ابن تيمية - (في رسالته تفصيل الاجمال فيما يجب لله تعالى من صفات الكمال 5/ 49 مجموعة الرسائل والمسائل):والحمد نوعان: حمد على احسانه الى عباده وهو من الشكر وحمد لما يستحقه هو بنفسه من نعوت كماله.وهذا الحمد لا يكون الا على ما هو في نفسه مستحق للحمد وانما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال وهي امور وجودية فان الامور العدمية المحضة لا حمد فيها ولا خير ولاكمال) اهـ.
وفي معنى الحمد خلاف وقد ذكر الخلاف المفسرون فلتراجع كتب التفسير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 May 2003, 12:58 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً على هذه النفائس. وأخص بالشكر الشيخ الكريم عبدالله بن بلقاسم وفقه الله، فما أحرصنا على التدقيق في المسائل بهذه الطريقة.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[25 May 2003, 03:36 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا (محمد بن جابر) و قد أفدتني كلاما جديدا في معنى الحمد، بارك الله فيك.
جزاك الله خيرا شيخنا (بلقاسم) وقد أجبتني على سؤالي، وبالفعل قد أشكل عليّ هذا الأمر وأنا أدرس في [حاشية البيجوري على فتح القريب المجيب في شرح متن التقريب] في المذهب الشافعي، فهل لك دراسة في المذهب الشافعي؟