تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مثاله: قوله تعالى:"لأَغْلِبَنَّ أناَ وَرُسُلِي". فإن الغالب في القرآن استعمال (الغلبة) مرادا بها الغلبة بالسّيف والسّنان كما في قوله:"غُلِبَتِ الرُّوم". وقوله:"قُل لِلذِينَ كَفَرُوا سَتُغلَبُون .. ". وقوله:"وَإِن تكُن مِنكُم مائةٌ يَغلِبُوا ألفاً مِنَ الذِينَ كَفَرُوا". وعليه فيجب تفسير الغلبة في الآية الأولى بذلك، ومن قال: إنما المراد الغلبة بالحجّة والبرهان فهو صحيح لكن لا يجوز إخراج المعنى الغالب عن مراد الآية لأنه مما ورد به القرآن.

فإن كان المعنى المذكور متكرراً قصْده في القرآن إلا انه ليس أغلب من قصد سواه، فإنه دون الأول في الرتبة،والاستدلال به استئناس، كإطلاق (الظلم) على الشّرك في قوله:"وَلمَ يَلبِسُوا إِيمَانهَم بظُلم"وقوله:"إِنَّ الشِّركَ لظُلمٌ عَظِيم".وقوله:"وَالكَافِرُونَ هُمُ الظا لمُون".وورد مراداً به غير الشرك كقوله تعالى:"ثُمَّ أَورَثنا الكِتابَ الذِينَ اصطَفَينَا مِن عِبَادِنا فَمِنهُم ظَالِمٌ لِنَفسِه .. "

7 - أن يحيل في آية على شيء ذُكر في آية أخرى وهذا من صريح تفسير القرآن بالقرآن

مثاله: قوله تعالى:"وَ قَد نزَّلَ عَلَيكُم ِفي الكِتابِ أن إِذا سَمِعتُم آياتِ اللهِ يُكفَرُ بهَا وَيُستهزَأ بهَا فَلاَ تقعُدُوا مَعَهُم". والمراد بما نزّل هو قوله في سورة الأنعام:"وَإِذا رَأيتَ الذِينَ يخُوضُونَ ِفي آياتِنَا فَأعرِض عَنهُم حَتى يخُوضُوا ِفي حَدِيثٍ غَيرِه".

ومثله: قوله تعالى:"وَعَلَى الذِينَ هَادُوا حَرَّمنَا مَا قَصَصنَا عَلَيكَ مِن قَبل"والمراد به ما في سورة الأنعام:"وَعَلَى الذِينَ هَادُوا حَرَّمنَا كُلَّ ذِي ظُفْر".

ومثله: قوله تعالى:"فِإذا تطَهَّرنَ فآتوُهُنَّ مِن حَيثُ أمَرَكُمُ الله". فإن محل الإتيان المحال عليه مذكور في موضعين. الأول: قوله بعد الآية:"نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوُا حَرثكَم أنى شِئتم". فقد بين أن موضع الإتيان هو مكان حرث الأولاد. وهو القبل دون الدبر. والثاني: قوله تعالى:"فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابتغُوا مَا كَتبَ الله لَكُم" أي جامعوهن وابتغوا ماكتب الله لكم أي ولتكن تلك المجامعة في محل ابتغاء الولد. وهو القُبل دون الدبر.

8 - تفسير اللفظ إما بلفظٍ أشهر منه و أوضح عند السامع أو بذكر مقابلة الموضح له:

مثال الأول: قوله تعالى:"وَأمطَرنا عَلَيهِم حِجَارَة مِن سِجِّيل". فإنه بين في موضع آخر في القصة نفسها معنى السّجيل وذلك في قوله:"قَالُوا إِنَّا أُرسِلنَا إِلَى قَومٍ مجُرِمينَ- لِنُرسِلَ عَلَيهِم حِجَارَةٍ مِن طِين".

ومثال الثاني قوله تعالى:"اللهُ يَعلَمُ مَاتحَمِلُ كُل أنثى وَمَا تغِيضُ الأَرحَامُ وَمَا تزدَادُ وَكُل شَيءٍ عِندَهُِبمقدَار". فقد بان معنى"تغِيض" وهو تنقص لما ذكر مقابله وهو"تزدَاد".

9 - أن يكون في الآية قرينة تدل على منع أحد المعاني أو ردِّ بعض الأقوال:

ومن أمثلته: قوله تعالى:"وَكَتبنَا عَلَيهِم فِيهَا أنَّ النَّفسَ بالنَّفس" فيرى أبو حنيفة-رحمه الله-أن عموم الآية يفيد أن المسلم يُقتل بالكافر، ويمنع منه قوله في آخر الآية"فَمَن تصَدَّق بهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه". فإنها قرينة على عدم دخول الكافر، لأن صدقته لا تكفر عنه شيئا، إذ لاتنفع الأعمال الصالحة مع الكفر.

ومثله أيضاً: قوله تعالى:"وَاتلُ عَليهِم نبأَ ابنَيْ آدمَ بالحَق .. "قال الحسن: المراد بابني آدم رجلان من بني إسرائيل، ويمنع منه قوله في القصة:"فَبَعَثَ الله غُرَاباً يَبحَثُ فِي الأرضِ ليُريَهُ كَيفَ يُوَاريَ سَوءَةَ أخِيه". إذ فيها أن ذلك وقع في مبدأ الأمر قبل أن يعرف الناس كيفية دفن الموتى، أما في زمن بني إسرائيل فقد عُرف الدفن فلا يخفى على أحد.

ومثله أيضاً: قول بعضهم أن آية الحجاب:"وَإِذا سَألتُمُوهُنَّ مَتاعَاً فَاسأَلوُهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب". خاصّة بأزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-. فإن تعليله لهذا الحكم بقوله:"ذلِكُم أطْهُرُ لِقُلُوبكُم وَقُلُوبهِن". قرينة واضحة على قصد تعميم الحكم، إذ لم يقل أحد أن غير أزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-لاحاجة إلى طهارة قلوبهن ولا إلى طهارة قلوب الرجال من الريبة منهن.

ومثله: قول بعضهم أن ازواجه-صلى الله عليه وسلم-غير داخلات في أهل بيته المذكورين في قوله"إِنمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِّجسَ أهَلَ البَيت". ويمنع منه: أن السّياق مصرِّح بدخولهن، لأنه ورد قبلها قوله"قُل ِلأزوَاجِكَ إِن كُنتنَّ ترِدن .. ". وبعدها قوله:"وَاذكُرنَ ما يتلى ِفي ِبيُوتِكُن .. ".

10 - أن يذكر لفظ عام ثم يخصصه أو يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام في حكمه:

مثال الأول: قوله تعالى:"وَ المُطَلَّقاتُ يَترَبصنَ ِبأنفُسِهِنَّ ثلاَثةَ قُرُوء". فهذا حكم عام في جميع المطلقات، ثم أتى ما يخصص من هذا العام الحوامل وهو قوله تعالى:"وَأولاَتُ الأَحمَالِ أجَلُهنَّ أن يَضَعنَ حَملَهُن". فخصص من عموم المطلقات أولات الأحمال.

ومثال الثاني: قوله تعالى:"ذلِكَ وَمِن يُعَظِم شَعَائِرَ اللهِ فَإِنهَا مِن تقَوَى القُلوُب". فقد صرح بدخول"البُدْن " في هذا العموم بقوله بعده:"وَالبُدنَ جَعلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِالله".بلغ 25 جمادى الثانية،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير