تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(15) وقال في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ) [الفرقان: من الآية20] قال: فهو يدل على فضل هداية الخلق بالعلم، ويبين شرف العالم على الزاهد المنقطع؛ فإن النبي ? كالطبيب، والطبيب يكون عند المرضى، فلو انقطع عنهم هلكوا.

(16) وسمعته يقول في قوله تعالى: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ) [النمل: من الآية19] قال: هذا من تمام برّ الوالدين. كأن هذا الولد خاف أن يكون والده قصرا في شكر الرب عز وجل، فسأل الله أن يلهمه الشكر على ما أنعم به عليه وعليهما؛ ليقوم بما وجب عليهما من الشكر إن كانا قصرا.

(17) وسمعته يقول في قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ) [القصص: من الآية80] قال: إيثار ثواب الآجل على العاجل حالة العلماء، فمن كان هكذا فهو عالم. ومن آثر العاجل على الآجل فليس بعالم.

(18) وسمعته يقول في قوله تعالى: (مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) [القصص: من الآية71] وفي الآية التي تليها: (أَفَلا تُبْصِرُونَ) [القصص: من الآية72] قال: إنما ذكر السماع عند ذكر الليل والإبصار عند ذكر النهار؛ لأن الإنسان يدرك سمعه في الليل أكثر من إدراكه بالنهار، ويرى بالنهار أكثر مما يرى بالليل.

وقال المبرد: سلطان السمع في الليل، وسلطان البصر في النهار.

(19) وسمعته يقول في قوله تعالى: (اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) [فاطر: من الآية3] قال: فطلبت الفكر في المناسبة بين ذكر النعمة وبين قوله تعالى: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) [فاطر: من الآية3] فرأيت أن كل نعمة ينالها العبد فالله خالقها، فقد أنعم بخلقه لتلك النعمة، وبسوقها إلى المنعم عليه.

(20) وسمعته يقول في قوله تعالى: (إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى) [سبأ: من الآية46] قال: المعنى: أن يكون قيامكم خالصاً لله عز وجل، لا لغلبة خصومكم، فحينئذ تفوزون بالهدى.

(21) وسمعته يقول في قوله تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى) [يّس: من الآية20] وفي الآية الأخرى: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى) [القصص: من الآية20] فرأيت الفائدة في تقديم ذكر الرجل وتأخيره: أن ذكر الأوصاف قبل ذكر الموصوف أبلغ في المدح من تقديم ذكره على وصفه؛ فإن الناس يقولون: الرئيس الأجل فلان، فنظرت فإذا الذي زيد في مدحه، وهو صاحب يس أمر بالمعروف، وأعان الرسل، وصبر على القتل، والآخر إنما حذر موسى من القتل، فسلم موسى بقبوله مشورته. فالأول هو الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، والثاني هو ناصر الآمر بالمعروف. فاستحق الأول الزيادة. ثم تأملت ذكر أقصى المدينة، فإذا الرجلان جاءا من بُعد في الأمر بالمعروف، ولم يتقاعدا لبعد الطريق.

(22) وسمعته يقول في قوله تعالى: (يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي) [يّس: من الآية 26ـ27] قال: المعنى: يأتيهم يعلمون بأي شيء وقع غفرانه. والمعنى: أنه غفر لي بشيء يسير فعلته، لا بأمر عظيم.

(23) وسمعته يقول في قوله تعالى: (إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ. إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ. فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) [الدخان: من الآية 34ـ37] قال: ربما توهم جاهل أنهم لم يجابوا عما سألوا، وليس كذلك؛ فإن الذي سألوا لا يصلح أن يكون دليلاً على البعث؛ لأنهم لو أجيبوا إلى ما سألوا لم يكن ذلك حجة على من تقدم، ولا على من تأخر، ولم يزد على أن يكون لمن تقدم وعدا، ولمن تأخر خبراً، اللهم إلا أن يجيء لكل واحد أبوه، فتصير هذه الدار دار البعث. ثم لو جاز وقوع مثل هذه كان إحياء ملك يضرب به الأمثال أولى، كتبع، لا أنتم يا أهل مكة، فإنكم لا تعرفون في بقاع الأرض.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير