تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الثانية: حرص الذهبي رحمه الله على العلم، واستغراقه في قراءة الكتاب بعد صدوره مباشرة، وهو في سن متقدمة، وفي هذا درس للكثير منا، الذين لا يحرصون على متابعة الجديد النافع، ويقفون حيث وقفت بهم الدكتوراه وما حولها. وما بعد ذلك فلا متابعة ولا سؤال.

الثالثة: فضيلة الرجوع للحق، وأنها تبقى مذكورة في سجل المآثر والشمائل، وانظر إلى هذا الموقف الذي كان في غرفة منزوية عن الناس، فأظهرها الله لنا حتى نتعظ ونتدبر، وبعض الناس يأبى طبعه وخلقه عليه أن يعترف بالخطأ، ويذهب في الجدال كل مذهب، والحق قريب، والأمر واسع، والرجوع إلى الحق أسلم للصدر، وأدعى للقبول عند الله وعند الناس.

وإنني لأقف مع الطلاب دائماً مع موقفين وأحثهم على التدبر فيهما:

الموقف الأول: موقف الإمام مالك مع السائل الأندلسي، حينما اعتذر له عن بعض الأسئلة وقال: لا أدري!

والموقف الثاني: موقف ذلك الرجل الذي سأله تلاميذه سؤالاً يعلمون أنه لا جواب له، فادعى علمه وأجاب للتو، فسمي بالخنفشاري! نسبة إلى الكلمة التي سألوه عنها، والتي عقد لها بيتاً من الشعر في مجلسه.

وأقول للطلاب: تأملوا في هذين الموقفين، الإمام مالك صدق مع نفسه، ومع السائل، فذكرت تلك الحادثة في الشمائل والفضائل.

والثاني خاف من أن يتهم بالجهل، فتعالم، فأصبح مضرب المثل في الجهل والتعالم!

الرابعة: أن الحق كبير، لا يقلل من شأنه أن يأتي به الصغير في السن أو في القدر أو في العلم، فالذهبي رحمه الله، لم يجادل البيومي، ولم يتمحل الأعذار لنفسه، بل سلم وانتهى الأمر.

الخامسة: أنه ينبغي ذكر مثل هذه الحادثة عند دراسة كتاب الذهبي، حيث قد رجع عن تلك الأوصاف التي أطلقها على هذين العالمين، ولو خالفهما في الرأي الذي ذهبا إليه.

وهذا من فوائد قراءة التراجم والسير للعلماء، حيث تجد فيها كثيراً من مثل تلك المواقف العلمية، والمجادلات والمحاورات النافعة.

رحم الله الذهبي، وجزى الله الدكتور البيومي خيراً. وللحديث بقية إن شاء الله.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jun 2003, 01:43 ص]ـ

هذا هو اللقاء الثالث: والأخير الذي جمع الدكتور محمد رجب البيومي مع الدكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله أذكره تتميماً للحديث، وطلباً للفائدة.

قال الدكتور محمد رجب البيومي وفقه الله:

ذهبت إلى مكتب أستاذي الجليل الدكتور كامل الخولي عميد كلية اللغة العربية ذات صباح، فوجدته يجلس مع الدكتور الذهبي متحاورين، فظننت الحديث خاصاً، وهممت بالرجوع، ولكن الرجلين معاً قد صاحا بدعوتي في صوت واحد، فأقبلت لأجد الدكتور الذهبي يقول: أنت تفر مني، لأنك عرفت أني سأعاتبك!

قلت: إن عتاب الدكتور نصح وإرشاد وتوجيه!

فقال الذهبي موجهاً الحديث للدكتور الخولي: إن الدكتور رجب متأثر بما قال أحمد أمين في كعب الأحبار، فقد قرأت له مقالاً ينزل به عن قدره، وكعب في رأيي مسلم صادق، والذين يشككون في إسلامه لا يملكون الدليل، وقد بسطت هذا الموضوع في كتابي عن التفسير، وقرأه رجب، ولكنه لم يقتنع به كما أرى في اتجاهه!

قلت: يا سيدي، إن صاحب المنار السيد محمد رشيد رضا لا الدكتور أحمد أمين وحده قد هاجم كعباً، ووضعه دون موضعه لديك بكثير.

قال: أعرف هذا، ولكنَّ كعباً قد روى عنه ابن عباس، وأبو هريرة، وروى عنه الإمام مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، ولولا ثقة هؤلاء الكبار من الصحابة، والأجلاء من رجال الحديث ورواته ما رووا عنه شيئاً!

والقصة التي تقول إن كعباً اشترك في مؤامرة قتل عمر ابن الخطاب التي انتهت بمصرع الفاروق لا تثبت أمام النقد، إذ كيف يعقل أن يقول كعب لعمر ستموت بعد ثلاثة أيام، ثم يصرع بيد الغدر في الوقت الذي حدده، ولا يتجه الاتهام حينئذ إليه؟ لو صح ذلك لقدم كعب إلى المحاكمة مع أبي لؤلؤة المجوسي والمرزبان ومن اشتركوا في التدبير، ولكن أحداً لم يوجه إليه ملاماً.

أما السيد رشيد فعلى جلالة علمه فهو رجل يؤخذ منه ويرد، وقد كتب الأستاذ الدجوي رحمه الله تفنيداً لما قال السيد رشيد رضا وإن لم يصرح باسمه ... راجع هذه القضية من جديد يا رجب!

فأصغيت دون اعتراض!

وأذكر أن الدكتور الخولي قال للشيخ الذهبي مداعباً تناقشه في تاريخ التفسير وهو مجال تخصصك فيسكت، ولكن لو ناقشته في الأدب والنقد والبلاغة لما سكت!

انتهى المقصود، وقد نقلته رغبة في الاستفادة من رأي الذهبي رحمه الله هذا فيما قيل في كعب الأحبار رضي الله عنه.

ـ[نصرمنصور]ــــــــ[26 May 2005, 03:06 ص]ـ

هل جاء بعد كتاب الذهبي ما يغني عنه؟

لم أظفر إلى الآن بكتاب يشفي الغليل في دراسة مناهج المفسرين؛ فهل توافقونني.

المناقشات السابقة قيمة، وفيها درر نفيسة من الفوائد.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jun 2005, 09:47 ص]ـ

أما من حيث الجمع فلم يأت بعد كتاب الذهبي مثله فيما أعلم، وأما من حيث التدقيق والتحقيق فقد أفردت لكل المفسرين الذين درس مناهجهم كتب خاصة دققت في الدراسة ففاقته من هذا الجانب. وقد خرجت كتب كثيرة مختصرة فيها فوائد واجتهادات لا تنكر، ولعل الله يوفق من يضع كتاباً شاملاً مركزاً يجمع بين الاستقصاء في دراسة مناهج المفسرين الذين طبعت تفاسيرهم ونشرت، أو حققت ولم تطبع كما في تفسير الواحدي والأصبهاني والكوكباني وغيرهم، وبين التحقيق في دراسة مناهجهم اعتماداً على نتائج تلك الدراسات المستقلة. رحم الله الشيخ محمد الذهبي وجزاه خيراً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير