ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Oct 2003, 12:17 ص]ـ
لابن القيم كلام جيد في معنى مادة قرأ، ذكره في زاد المعاد أثناء تفصيله لخلاف السلف في معنى القرء.
قال ما نصه: (وقولكم: إن القرء مشتق من الجمع، وإنما يجمع الحيض في زمن الطهر. عنه ثلاثة أجوبة.
أحدها: أن هذا ممنوع، والذي هو مشتق من الجمع إنما هو من باب الياء من المعتل، من قرى يقري، كقضى يقضي، والقرء من المهموز بنات الهمز، من قرأ يقرأ، كنحر ينحر،
وهما أصلان مختلفان فإنهم يقولون: قريت الماء في الحوض أقريه، أي: جمعته، ومنه سميت القرية، ومنه قرية النمل: للبيت الذي تجتمع فيه، لأنه يقريها، أي: يضمها ويجمعها.
وأما المهموز، فإنه من الظهور والخروج على وجه التوقيت والتحديد، ومنه قراءة القرآن، لأن قارئه يظهره ويخرجه مقداراً محدوداً لا يزيد ولا ينقص، ويدل عليه قوله: " إن علينا جمعه وقرآنه " [القيامة: 17]، ففرق بين الجمع والقرآن. ولو كانا واحداً، لكان تكريراً محضاً، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " [القيامة: 18]، فإذا بيناه، فجعل قراءته نفس إظهاره وبيانه، لا كما زعم أبو عبيدة أن القرآن مشتق من الجمع.
ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلى قط، وما قرأت جنيناً هو من هذا الباب، أي ما ولدته وأخرجته وأظهرته، ومنه: فلان يقرؤك السلام، ويقرأ عليك السلام، هو من الظهور والبيان، ومنه قولهم: قرأت المرأة حيضة أو حيضتين، أي: حاضتهما، لأن الحيض ظهور ما كان كامناً، كظهور الجنين، ومنه: قروء الثريا، وقروء الريح: وهو الوقت الذي يظهر المطر والريح، فإنهما يظهران في وقت مخصوص، وقد ذكر هذا الإشتقاق المصنفون في كتب الإشتقاق، وذكره أبو عمرو وغيره، ولا ريب أن هذا المعنى فى الحيض أظهر منه في الطهر.
ـ[كادح]ــــــــ[26 Oct 2003, 11:53 م]ـ
الشهري والعبيدي ..
جزاكما الله خيرا على الإيضاح ..
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Oct 2003, 06:04 ص]ـ
من باب الفائدة:
إن القول بأن القرآن غير مشتق هو قول شيخ الشافعي إسماعيل بن قسطنطين، وقد ذكرذلك عنه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (2: 62) الطبعة القديمة، قال الشافعي: (( ... وقرأت على إسماعيل، وكان يقول: القرآن اسم، وليس بمهموز، ولم يؤخذ من قرأت، ولو أُخِذ من قرأت؛ لكان كل ما قرئ قرآنًا، ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل.
يهمز قرأت، ولا يهمز القرآن (وإذا قرأت القرآن) يهمز قرأت، ولا يهمز القرآن)). انتهى ,
قلت: الصحيح أن لفظ القرآن مشتقٌ، وأنَّ ما استدلَّ به من أنهم لا يهمزون القرآن ويهمزون قرأت، فهذا راجع إلى التسهيل في لغة العرب في لفظ القرآن دون قرأت.
وشبهة هذا القول أن المكيين لا يهمزون القرآن، وعدم الهمز لا يدلُّ على أنَّ هذه الكلمة ليس لها أصلٌ تُشتقُّ منه، ولو أُجريت هذه العلَّة على كلِّ ما قرأه المكيون بتسهيل الهمز لكانت غير مشتقَّه كذلك، ومن الألفاظ التي يسهلها المكيون لفظ (يومنون)، فهل يقال إنها غير مشتقة، فهم يهمزون آمن ولا يهمزون يومنون، وقس على ذلك غيرها.
وكون القرآن اسم للكتاب المنَزل لا خلاف فيه، لكن استدلاله الآخر بأنه لو كان من قرأت لكان كل ما قرئ قرءانًا، غير لازمٍ، لأن ما قرئَ يسمى قرءانًا من جهة اللغة، لكن غلب هذا المصدر على اسم الكتاب المنَزَّل، فصار لا يطلق إلا عليه، وصار علمًا بالغلبة عليه، وهذا كثير في الأسماء الشرعية الواردة من جهة الشرع، حيث يكون الاسم العربي مختصًّا بمصطلحٍ شرعيٍّ بقدر زائد على المعنى اللغوي؛ كمسمَّى الإيمان والزكاة والجهاد وغيرها، والله أعلم.