تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهكذا ينبغي أن تفهم أقوال المفسرين المتقدمين، وهو الأولَى لمناصبهم في العلم، ومراتبهم في فهم الكتاب والسنة). [4]

وفي قوله تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الأنفال: 71 قال ابن عطيَّةَ (ت: 542): (وأما تفسير الآية بقصة عبد الله بن أبي السرح، فينبغي أن يُحرَّرَ، فإن جُلبتْ قصةُ عبد الله بن أبي السرح على أنها مثالٌ، كما يمكن أن تُجْلَبَ أمثلةٌ في عصرنا من ذلك، فحسنٌ. وإن جُلبت على أنَّ الآية نزلت في ذلك، فخطاٌ؛ لأنَّ ابن أبي السرحِ إنما تبيَّن أمره في يوم فتح مكة، وهذه الآية نزلت عَقِيبَ بدرٍ). [5]

وفي قوله تعالى: (فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) الفجر: 15 ـ 20

قال ابن عطية (ت: 542): (ذكر الله تعالى في هذه الآية ما كانت قريش تقوله وتستدلُّ به على إكرام الله تعالى وإهانته لعبده، وذلك أنهم كانوا يرون أن من عنده الغنى والثروة والأولاد، فهو المُكرَم، وبضدِّه المهانُ.

ومن حيثُ كان هذا المقطع غالباً على كثير من الكفار، جاء التوبيخُ في هذه الآية لاسم الجنسِ؛ إذ قد يقع بعض المؤمنين في شيء من هذا المنْزع [6]، ومن ذلك حديث الأعرابِ الذين كانوا يقصدون المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن نال منهم خيراً، قال: هذا دين حسنٌ، ومن نال منهم شرٌّ، قال: هذا دين سوءٍ). [7]

وقال ابن عطية (ت: 542) في قوله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) الأنبياء: 1: (وقوله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ) عامٌّ في جميع الناسِ، وإن كان المشارُ إليه في ذلك الوقت كفار قريشٍ، ويدلُّ على ذلك ما بعدها من الآياتِ، وقوله: (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)؛ يريد: الكفار.

قال القاضي أبو محمد [8] رحمه الله: (ويتَّجِهُ من هذه الآيةِ على العُصاةِ من المؤمنين قِسْطُهُم.

وقوله تعالى: (ما يأتيهم) وما بعدها مختصٌّ بالكفارِ). [9]

وقال في قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) يونس: 12).

وقوله: (مرَّ) يقتضي أن نزولها في الكفار، ثم هي بَعْدُ تتناول كل من دخل تحت معناها من كافرٍ أو عاصٍ). [10]

وقد ذكر الشنقيطي (ت: 1393) ـ في معرضِ ردِّه على التقليدِ ـ آياتٍ في النهي عن التقليدِ، فقال: (… وقال جل وعز: (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ، قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ) الزخرف: 23 ـ 24، فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء، فقالوا: إنا بما أرسلتم به كافرون.

وفي هؤلاء ومثلهم قال الله عزَّ وجل: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) الأنفال: 22، وقال: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ، وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ) البقرة: 166 ـ 167، وقال عز وجل ـ عائباً لأهل الكفر وذامّاً لهم ـ: (ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) [11]، وقال: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) الأحزاب: 67، ومثل هذا في القرآن كثير في ذمِّ تقليد الآباء والرؤساء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير