ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[01 May 2003, 01:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وبعد:
فشكر الله لفضيلة الشيخ الدكتور مساعد الطيار مقاله النافع، وتأصيله الماتع، وجعل ما خطه في موازين حسناته، ورفعة في درجاته، ثم محبة في الأنس بمشاركة أهل العلم، والانتظام في سلك مجالسهم، رقمت هذه السطور، ليطلع عليها فضيلته فيقوم عوجها، ويتم مخدجها، معتذرا عن ما قد يوهم الرد من عدم مراعاة الأدب، فلست ممن يخطئ الشيخ أو يستدرك عليه:
وابن اللبون إذا ما لز في قَرَنٍ * لم يستطع صولة البزل القناعيسِ
لكنني أحببت الإشارة إلى رأي خاص في تنزيل الأمثلة المذكورة على القسم الأخير من الأقسام التي ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى في أقسام القرآن، فظهر لي أن دخولها في المعنى الثاني هو الأقرب إلى مراد الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، ويتضح ذلك مما يلي:
1 - أن التفسير بالقياس قد نص ابن القيم في تقسيمه أنه كثير عند الصوفية بينما الأمثلة التي ذكرها هي الغالب في تفسير السلف، وهو معلوم بالاستقراء من كلامهم
2 - أن ابن القيم رحمه الله قد ذكر الأمثلة التي تنزل على القياس مما يوضح مراده بذلك، قال رحمه الله تعالى: (وقال قتادة الموريات هي الخيل توري نار العداوة بين المقتتلين وهذا ليس بشيء وهو بعيد من معنى الآية وسياقها وأضعف منه قول عكرمة هي الألسنة توري نار العداوة بعظيم ما نتكلم به وأضعف منه ما ذكر عنه مجاهد هي أفكار الرجال توري نار المكر والخديعة في الحرب وهذه الأقوال إن أريد أن اللفظ دل عليها وأنها هي المراد فغلط وإن أريد أنها أخذت من طريق الاشارة والقياس فأمرها قريب وتفسير الناس يدور على ثلاثة ......... ) ثم ذكر الكلام الذي نقله فضيلة الدكتور.
قلت:
ويتضح من ذلك أن الأقوال التي مثل بها للتفسير بالقياس بعيدة من جهة اللفظ والمعنى فلا تدخل في العموم، فأنت تلاحظ أن المعنى المستنبط بين الخيل التي توري النار بقوائمها وبين أفكار الرجال وجدته بعيدا كما أشار ابن القيم رحمه الله، فلا يدخل في اللفظ لا مطابقة ولااقتضاء ولا يشمله عموم.
ثم قال أورد رحمه الله شروط التفسير بالقياس ويظهر منها عدم دخول الامثلة فيه:
حيث قال في الشروط:
1 - أن لا يناقض معنى الآية
2 - وأن يكون معنى صحيحا في نفسه
3 - وأن يكون في اللفظ إشعار به
4 - وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطا حسنا.
قلت: فأقوى ما هناك إشعار أو ارتباط أو تلازم أما دخول في اللفظ فلا، هذه غاية التفسير بالقياس.
3 - أن دخول بعض أفراد العام في اللفظ العام ليس قياسا كما هو معلوم
4 - أن الاستدلال بالآية في مواضع الاحتجاج على أنها من القياس أضعف عند الترجيح ومعارضة الادلة من الاستدلال بدخولها في العام وهذا يمكن أن يكون ثمرة الخلاف المهمة في هذا المبحث، بل يجعل من السهل رد الاستدلال بقوادح القياس الكثيرة تارة، وبعدم اكتمال أركانه تارة أخرى، فما أسهل أن يرد الخارجي عن دخول الخوارج في قوله تعالى: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، بأنه قياس مع الفارق وهو إيراد لا يمكن دفعه
5 - قد يقول قائل لا مشاحة في الاصطلاح فالقياس هنا ليس قياس الفقهاء المعروف، نقول بل هو هنا أضعف من القياس عند الفقهاء فالعلة الجامعة عند الفقهاء لا بد أن تكون ظاهرة واضحة وليس خفية بل بعيدة أحيانا كما هو في الإشارة والقياس
6 - أنقل كلاما نفيسا- اقرأه عافاك الله لزاما- (وهو معلوم مشهور لكني أكفي الأخوة مؤونة مراجعته) قال شيخ الأسلام في مقدمة التفسير: وهو يتكلم عن خلاف السلف التفسير وانقسامه إلى صنفين: قال [مجموع الفتاوى ج: 13 ص: 337]: (الصنف الثانى أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود فى عمومه وخصوصه مثل سائل أعجمى سأل عن مسمى لفظ الخبز فأرى رغيفا وقيل له هذا فالاشارة الى نوع هذا لا الى هذا الرغيف وحده مثال ذلك ما نقل فى قوله ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهك للمحرمات والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات والسابق
¥