"ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون" ..
(آل عمران: 123)
وحقيقة قول الله لهم:
"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلَون إن كنتم مؤمنين. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله. وتلك الأيام نداولها بين الناس. وليعلم الله الذين آمنوا، ويتخذ منكم شهداء. والله لا يحب الظالمين. وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين. ولقد كنتم تَمَنَّون الموت من قبل أن تلقوه، فقد رأيتموه وأنتم تنظرون" …
(آل عمران: 139 - 143)
وحقيقة قول الله لهم:
"لقد نصركم الله في مواطن كثيرة. ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً، وضاقت عليكم الأرض بما رحبت، ثم وَليتم مدبرين. ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل جنوداً لم تروها، وعذب الذين كفروا. وذلك جزاء الكافرين" ..
(التوبة: 25، 26).
وحقيقة قول الله لهم:
"لتبلَوُن في أموالكم وأنفسكم، ولتسمعُنّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً. وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور" ..
(آل عمران: 186)
كانوا يدركون حقيقة قول الله لهم في هذا كله، لأنه كان يحدثهم عن واقعيات في حياتهم عاشوها، وعن ذكريات في نفوسهم لم تغب معالمها، وعن ملابسات لم يبعد بها الزمن، فهي تعيش في ذات الجيل ..
والذين يعانون اليوم وغداً مثل هذه الملابسات، هم الذين يدركون معاني القرآن وإيحاءاته. وهم الذين يتذوقون حقائق التصور الإسلامي كما جاء بها القرآن. لأن لها رصيداً حاضراً في مشاعرهم وفي تجاربهم، يتلقونها به، ويدركونها على ضوئه .. وهم قليل .. )
وقال سيد ايضا:
((إن الذي نعنيه بالحياة في جو القرآن هو أن يعيش الإنسان في جو وفي ظروف وفي حركة وفي معاناة وفي صراع وفي اهتمامات كالتي كان يتنزل فيها هذا القرآن أن يعيش الإنسان في مواجهة هذه الجاهلية التي تعم وجه الأرض اليوم وفي قلبه وفي همه وفي حركته أن ينشى ء الإسلام في نفسه وفي نفوس الناس وفي حياته وفي حياة الناس مرة أخرى في مواجهة هذه الجاهلية بكل تصوراتها وكل اهتماماتها وكل تقاليدها وكل واقعها العملي ; وكل ضغطها كذلك عليه وحربها له ومناهضتها لعقيدتها الربانية ومنهجه الرباني ; وكل استجاباتها كذلك لهذا المنهج ولهذه العقيدة ; بعد الكفاح والجهاد والإصرار هذا هو الجو القرآني الذي يمكن أن يعيش فيه الإنسان ; فيتذوق هذا القرآن فهو في مثل هذا الجو نزل وفي مثل هذا الخضم عمل والذين لا يعيشون في مثل هذا الجو معزولون عن القرآن مهما استغرقوا في مدارسته وقراءته والاطلاع على علومه والمحاولة التي نبذلها لإقامة القنطرة بين المخلصين من هؤلاء وبين القرآن ليست بالغة شيئا إلا بعد أن يجتاز هؤلاء القنطرة ; ويصلوا إلى المنطقة الأخرى ; ويحاولوا أن يعيشوا في جو القرآن حقا بالعمل والحركة وعندئذ فقط سيتذوقون هذا القرآن)) مقدمة سورة الانعام
وقال ايضا: ((ولكي نحصل نحن من القرآن على قوته الفاعلة وندرك حقيقة ما فيه من الحيوية الكامنة ونتلقى منه التوجيه المدخر للجماعة المسلمة في كل جيل ينبغي أن نستحضر في تصورنا كينونة الجماعة المسلمة الأولى التي خوطبت بهذا القرآن أول مرة كينونتها وهي تتحرك في واقع الحياة وتواجه الأحداث في المدينة وفي الجزيرة العربية كلها ; وتتعامل مع أعدائها وأصدقائها ; وتتصارع مع شهواتها وأهوائها ; ويتنزل القرآن
حينئذ ليواجه هذا كله ويوجه خطاها في أرض المعركة الكبيرة مع نفسها التي بين جنبيها ومع أعدائها المتربصين بها في المدينة وفي مكة وفيما حولهما وفيما وراءهما كذلك أجل يجب أن نعيش مع تلك الجماعة الأولى ; ونتمثلها في بشريتها الحقيقية وفي حياتها الواقعية وفي مشكلاتها الإنسانية ; ونتأمل قيادة القرآن لها قيادة مباشرة في شؤونها اليومية وفي أهدافها الكلية على السواء ; ونرى كيف يأخذ القرآن بيدها خطوة خطوة وهي تعثر وتنهض وتحيد وتستقيم وتضعف وتقاوم وتتألم وتحتمل وترقى الدرج الصاعد في بطء ومشقة وفي صبر ومجاهدة تتجلى فيها كل خصائص الإنسان وكل ضعف الإنسان وكل طاقات الإنسان ومن ثم نشعر أننا نحن أيضا مخاطبون بالقرآن في مثل ما خوطبت به الجماعة الأولى وأن بشريتنا التي نراها ونعرفها ونحسها بكل خصائصها تملك الاستجابة للقرآن والانتفاع بقيادته في ذات الطريق إننا بهذه النظرة سنرى القرآن حيا يعمل في حياة الجماعة المسلمة الأولى ; ويملك أن يعمل في حياتنا نحن أيضا وسنحس أنه معنا اليوم وغدا)) مقد مة سورة آل عمران
ـ[روضة]ــــــــ[01 Jan 2007, 12:39 ص]ـ
للرفع