(6) يقول ابن القيم في زاد المعاد (5: 599):» ... فابن مسعود رضي الله عنه أشار بتأخر نزول سورة الطلاق إلى أن آية الاعتداد بوضع الحمل لآية البقرة إن كان عمومها مرادا أو مخصصة لها إن لم يكن عمومها مرادا أو للمراد منها أو مقيدة لإطلاقها وعلى التقديرات الثلاث فيتعين تقديمها على تلك وإطلاقها وهذا من كمال فقهه رضي الله عنه ورسوخه في العلم ومما يبين أن الفقه سجية للقوم وطبيعة لا يتكلفونها كما أن العربية والمعاني والبيان لهم كذلك فمن بعدهم فإنما يجهد نفسه ليتعلق بغبارهم وأنى له «.
(7) يقول الزمخشري في تعليقه على هذا السؤال:» ... وأما إغفال السلف ما نحن بصدده، وإهمالهم الدلالة على سننه، والمشي على جَدَدِه = فلأن القوم كانوا أبناء الآخرة، وإن نشأوا في حِجْر هذه الغادرة، ديدنهم قِصَرُ الآمال، وأخذ العلوم لتصحيح الأعمال، وكانوا يتوخون الأهم فالأهم، والأولى فالأولى، والأزلف فالأزلف من مرضاة المولى.
ولأنهم كانوا مشاغيل بجرِّ أعباء الجهاد، مُعَنِّين بتقويم صفات أهل العناد، معكوفي الهمم على نشر الأعلام لنصرة الإسلام، فكان ما بُعِثَ به النبي عليه الصلاة والسلام لتعليمه وتلقينه، وأُرسِلَ للتوقيف عليه وتبيينه = أهم عندهم مما كانوا مطبوعين على معرفته، مجبولين على تبين حاله وصفته، وكان ـ إذ ذاك ـ البيان غضًا طريًا، واللسان سليمًا من اللكنة بريًّا، وطرق الفصاحة مسلوكة سائرة، ومنازلهم مأهولة عامرة، وقد مهَّد عذرهم تعويل ما شاع وتواتر، واستفاض وتظاهر من عجز العرب وثبات العلم به ورسوخه في الصدور، وبقائه في القلوب على ممرِّ العصور ... «. إعجاز سورة الكوثر، للزمخشري، تحقيق: حامد الخفاف (ص: 62).
(8) ذكر الشاطبي (ت: 790) في مقدمات الموافقات أن السلف الصالح من الصحابة والتابعين لم يخوضوا في الأشياء التي ليس تحتها عمل، ينظر: الموافقات، تحقيق مشهور سلمان (1: 55).
(9) تفسير الطبري، ط: الحلبي (30: 59).
(10) وقد ذكر الماوردي (ت: 450) في النكت والعيون (1: 37 ـ 38) أثر ابن عباس، وعلق عليه، فقال:» ... أما الذي تعرفه العرب بكلامها، فهو حقائق اللغة، وموضوع كلامهم.
وأما الذي لا يُعذر أحد بجهالته، فهو ما يلزم الكافة في القرآن من الشرائع وجملة التوحيد.
وأما الذي يعلمه العلماء، فهو وجوه تأويل المتشابه وفروع الحكام.
وأما الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل، فهو ما يجري مجرى الغيوب وقيام الساعة.
وهذا التقسيم الذي ذكره ابن عباس صحيح، غير أن ما لا يُعذر أحد بجهالته داخل في جملة ما يعلمه العلماء من الرجوع إليهم في تأويله، وإنما يختلف القسمان في فرض العلم به، فما لا يُعذر أحد بجهله يكون فرض العلم به على الأعيان، وما يختص بالعلماء يكون فرض العلم به على الكفاية، فصار التفسير منقسمًا إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: ما اختص الله بعلمه؛ كالغيوب، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره، ولا يجوز أن يؤخذ إلا عن توقيف ...
والقسم الثاني: ما يرجع فيه إلى لسان العرب، وذلك شيئان: اللغة والإعراب ...
والقسم الثالث: ما يرجع فيه إلى اجتهاد العلماء، وهو تأويل المتشابه واستنباط الأحكام، وبيان المجمل، وتخصيص العام ... «. وقد ذكر تفصيلات في هذه الأقسام يحسن مراجعتها، ففيها فوائد.
ـ[عبدالله الحسني]ــــــــ[23 Jun 2003, 11:51 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا مساعد ونفع بك على هذه الجهود الطيبة.
ـ[ابو عبد الله 1]ــــــــ[25 Jun 2003, 10:01 م]ـ
أثابك الله يا شيخ مساعد
ألا يقال إن ادخال القسم الرابع وهو (مالا يعلم تفسيره إلا الله) مشكل لإنه ليس تفسيرا فلا يدخل في أقسام التفسير بل هو من باب التأويل وهو عاقبة الشيءوما يؤول إليه
وذلك لإنه ليس في القرآن مالا يعلم معناه
ثم هل صح الإسناد بهذا الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Jun 2003, 02:52 م]ـ
الأخ الفاضل أبو عبد الله
ما ذكرته من امشكل في عبارة (ما لا يعلم تفسيره إلا الله) وارد عندي، وما قلته صحيح، فهو من باب التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، وهو بهذا لا يدخل في علم التفسير.
¥