تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات غير المولى فلم أعرفه، فإن كان من الصحابة فلا تضر جهالته، وهو الأرجح لأن راويه عنه أبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي تابعي، وإن كان غير صحابي فالسند ضعيف لجهالته " أ. ه

خامساً: حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى" (3/ 184) من طريق أَسِيد بن زيد، ثنا حلو السُّرِّي، عن أبي البلاد، عن ابن عمر، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الجمعة واجبة إلا على ما ملكت أيمانكم، أو ذي علة ".

وهذا إسناد ضعيف، فيه علل:

الأولى: أبو البلاد أظن أنه هو يحيى بن سليمان الغطفاني ويقال العامري، فإن كان هو فأظن أنه لم يسمع ابن عمر أو لم يدركه، وإن كان غيره فلم أتبينه.

الثانية: حلو السُّرِّي، من أهل الكوفة، ذكره ابن حبان في كتابه

" الثقات " (6/ 248) وقال: يُخْطِىء ويُغْرِبُ على قلة روايته.

الثالثة: أَسِيد بن زَيْد بن نَجيح الجَمَّال الهاشميُّ مولاهم، الكوفي.

قال ابن معين: كذاب أتيته ببغداد فسمعته يحدث بأحاديث كذب.

وقال أبو حاتم: كانوا يتكلمون فيه.

وقال النسائي: متروك.

وقال الدارقطني: ضعيف الحديث.

وقال الحافظ: ضعيف.

وأخرج الطبراني في " الأوسط " (1/ 454) رقم (822)، وكذا الدار قطني (2/ 4) كلاهما من طريق عبيدالله بن عمر القواريري، ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا عبدالله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس على المسافر جمعة ".

قال الطبراني عقبه: لم يَرْوِ هذا الحديث عن نافع إلا ابنُهُ عبدالله، تفرد به أبو بكر الحنفي.

قال أبو عبدالرحمن: وهذا إسناد ضعيف من أجل عبدالله بن نافع، قال ابن حبان في " المجروحين " (1/ 513):

" منكر الحديث، كان ممن يخطىء ولا يعلم، لا يجوز الاحتجاج بأخباره التي لم يوافق فيها الثقات، ولا الاعتبار منها مما خالف الأثبات ".

وقد خالف الثقات في رفع هذا الحديث.

فقد رواه البيهقي (3/ 184) من طريق ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث حدثني عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: لا جمعة على مسافر.

قال البيهقي: هذا هو الصحيح موقوف ورواه عبدالله بن نافع عن أبيه فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال النووي في " الخلاصة " (2/ 762): الرواية المرفوعة رواها الدارقطني والبيهقي من رواية عبدالله بن نافع وهو ضعيف.

سادساً: حديث محمد بن كعب القُرظي ـ رحمه الله تعالى ـ مرفوعاً مرسلاً:

أخرجه عبدالرزاق (3/ 172ـ 173) رقم (5200) عن معمر، عن ليث، عن محمد بن كعب القُرظي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من كان على حرام فرغب الله عنه فحوّله منه إلى غيره أن يغفر الله له، ومن أحسن من محسن مؤمن أو كافر فقد وقع أجره على الله في عاجل دُنياه أو آجل آخرته، ومن صلَّى صلاة صليت عليه عشرة، ومن دعا لي دعوة حُطَّت عنه خطاياه، والجمعة حقٌّ على كل مسلم، أو قال: من كان يؤمن بالله فالجمعة حقٌّ عليه إلا عبداً، أو امرأةً، أو صبي، أو مريض، فمن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه والله غني حميد.

وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 446) رقم (5149): حدثنا هشيم، عن ليث، عن محمد بن كعب القُرظي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إلا امرأةٌ، أو صَبِيٌّ، أَوْ مَمْلُوكٌ، أَوْ مَرِيضٌ ".

وهذا سند ضعيف، فيه ليث ـ وهو ابن أبي سليم ـ، قال الحافظ:

" صدوق اختلط ولم يتميز حديثه فترك ".

وله شاهداً سابعاً أخرجه الشافعي في " مسنده " (1/ 130ـ ترتيب) رقم (385) ومن طريقه البيهقي في " السنن الكبرى " (3/ 173) من طريق إبراهيم بن محمد، حدثني سلمة بن عبدالله الخَطْمي، عن محمد ابن كعب أنه سمع رجلاً من بني وائل يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تجبُ الجُمعَةُ عَلَى كُل مسْلمٍ إلاَّ امرأةً أو صبياً أو مملوكاً ".

وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى الأسلمي وهو متروك.

لكن تابعه عبدالله بن وهب، نا ابن لهيعة، عن سلمة بن عبدالله به.

أخرجه ابن منده في " المعرفة " كما في " إرواء الغليل " (3/ 58).

قلت: وسلمة ذا مجهول كما في " التقريب ".

وهناك شواهد أخرى لا داعي إلى ذكرها؛ لأن ما ذكرناه فيه كفاية لتثبيت الحديث، والحمد لله رب العالمين.

. فوائد هذا الحديث:

· فيه دلالة أن فرض الجمعة من فروض الأعيان، فيجب الاهتمام بها، ولا يجوز التكاسل والالتهاء عنها.

· فيه عدم وجوب الجمعة على النساء وهو بالإجماع.

· فيه أن الجمعة غير واجبة على الصبيان وهو مجمع عليه.

· فيه أن المريض لا تجب عليه الجمعة إذا كان الحضور يجلب عليه مشقة.

· فيه أن العبد لا تجب عليه الجمعة، وهذا قول جمهور السلف، قال الإمام الخطابي في " معالم السنن" (1/ 644):

" فأما العبيد فقد اختلفوا فيهم، فكان الحسن وقتادة يوجبان على العبد إذا كان مخارجاً، وكذلك قال الأوزاعي وأحسب أن مذهب داود إيجاب الجمعة عليه ".

قلت: والقول بالوجوب اختاره الإمام الكبير ابن حزم الظاهري ـ رحمه الله ـ محتجاً بعموم قوله تعالى: (يَا أَ يُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ للصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوا إلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ)] الجمعة: 9 [

قال رحمه الله في كتابه الفريد " المحلى " (5/ 51):

" فهذا خطاب لا يجوز أن يخرج منه مسافر ولا عبد بغير نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم " أ. ه.

وقد ضعف رحمه الله ـ أي ابن حزم ـ حديث الباب من قبل فتكون النتيجة التي توصل إليها الإمام منطقية صحيحة، غير أن البحث العلمي يقتضي ثبوت حديث الباب فيستثنى ما ذكر فيه من عموم الآية وبالله تعالى التوفيق والمستعان.

(فائدة): جاء في " الفتاوى السّعدية " (163) سؤال ما نصه:

هل تجب الجماعة على العبد.؟

الجواب: المشهور من مذهب الإمام أحمد: أنه ليس عليه جمعة ولا جماعة، وفيه قول آخر: أن عليه جمعة وجماعة وهو الذي نعتقده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير