تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رجال تاريخ نيسابور لأبي عبدالله الحاكم (405هـ)]

ـ[يحيى العدل]ــــــــ[30 - 08 - 03, 02:02 ص]ـ

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه (كما يحب ربنا ويرضى) .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد .. فيعد كتاب (تاريخ نيسابور) لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيِّع (405هـ) .. من أفضل الكتب في تواريخ البلدان المحلية .. صنفه في (تاريخ كورة نيسابور) .. وهي من أرباع خراسان الواقعة الآن ضمن دولتي إيران وأفغانستان، ويشتمل هذا الأقليم على أراضي واسعة، منها منخفضات سهلية، ومنها مرتفعات جبلية، كما أنه يشتمل على كور ورساتيق وقرى حافلة بالسكان، وكان له الأثر البالغ في نهضة الدولة الإسلامية في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية.

أما من الناحية الإدارية فكان ينقسم إلى أربعة أرباع، نُسب كل ربع منها إلى مدنها الأربع الكبار، وهذه الأرباع: (ربع نيسابور ـ ربع مرو ـ ربع هراة ـ ربع بلخ).

وما يهمنا هنا هو ربع نيسابور: فمن مدنها المشهورة: أبرشهر (مدينة نيسابور)، وطوس، وبيهق، وباخرز، وأبيورد، وأسفرايين، وأرغيان، واشبنذ، وايلاق، واستوا، وبشت، وجاجرم، وخواف، وخابران، وبشتنفروش، وشاذياخ، وسمنقان، ورخ، والشامات، وزوزن، وزام، وجوين، ونسا، وكلات، ونوقان.

وهذه الكورة بلغت قمة ازدهارها في القرن الثالث الهجري، وقد ورد ذكرها في المصادر بأسماء مختلفة منها (أبرشهر).

قال أبو تمام:

أيا سهري بليلة أبر شهر ** ذممت إلي نومًا في سواها

ومنها (ايرانشهر) قال المقدسي في (أحسن التقاسيم): ((ايرانشهر هو مصر الجانب وقصبة نيسابور … فقد اختلف الناس في اسم لها وهو ايرانشهر فمنهم من جعله لجميع هذه الكورة مع جبلستان، فتدخل فيه سجستان وما حولها، ومنهم من جعله اسمًا لهذه الكورة، ومنهم من أوقعه على القصبة فحسب وبه نأخذ؛ لكون القصبة من ايرانشهر بإجماع فلا يحتاج إلى دليل، إذا الدليل واجب على من ادعى الزيادة)).

أما ياقوت فلم يوافقه في (معجمه) إذ يقول: ((الصحيح أن ايرانشهر هي ما بين جيحون إلى القادسية)).

ومن أسمائها (نشاوور) وإليه ذهب البكري إذ يقول: ((ولا تعرف اليوم إلا بنشاوور، وقد نسي نيسابور)).

واسمها نيشابور بالفارسية وعربت (نيسابور).

قال ابن الأثير: ((وإنما قيل لها نيسابور لأن سابور لما رآها قال: يصلح أن يكون ههنا مدينة وكانت قصبًا فأمر بقطع القصب وأن يبنى مدينة، فقيل: نيسابور .. والني: القصب)). اهـ.

وفي معجم ياقوت (5: 382)، وتقويم البلدان (ص451): مشتق من (نيوشاه بور) في الفارسية: ومعناه شيء أو عمل، أو موضع سابور الطيب.

قال تاج الدين السبكي في طبقاته (1: 173): ((قد كانت نيسابور من أجل البلاد وأعظمها، ولم يكن بعد بغداد مثلها، وقد عمل لها الحافظ أبو عبدالله الحاكم تأريخًا تخضع له جهابذة الحفاظ، وهو عندي سيد التواريخ. وتأريخ الخطيب وإن كان أيضًا من محاسن الكتب الإسلامية، إلا إن صاحبه طال عليه الأمر؛ وذلك لأن بغداد وإن كانت في الوجود بعد نيسابور إلا أن علماءها أقدم؛ لأنها كانت دار علم وبيت رئاسة قبل أن ترتفع نيسابور، ثم إن الحاكم قبل الخطيب بدهر، والخطيب جاء بعده، فلم يأت إلا وقد دخل بغداد ممن لا يحصى عددًا، فاحتاج إلى نوع من الاختصار في تراجمهم. وأما الحاكم فأكثر من يذكره من شيوخه أو شيوخ شيوخه، أو ممن تقارب من دهره لتقدم الحاكم وتأخر علماء نيسابور، فلما قل العدد عنده كثر في المقال، وأطال في التراجم واستوفاها، والخطيب واضح العذر الذي أبديناه)).

وقال في (4/ 155): ((وهو عندي أعود التواريخ على الفقهاء بفائدة، ومن نظره عرف تفنن الرجل في العلوم جميعها)).

ويقع في (ثماني مجلدات) كما قال ابن الأثير .. أما الكتاني في (رسالته)، فقال: ((يقع في ستة مجلدات)).

ولعله أخذ هذا من قول أبي الحسن البيهقي في تاريخ بيهق (ص21): أنه يتألف من اثني عشر جزءًا.

ولم يسبق الحاكم علماء عصره إلى تأليف تاريخ العلماء وتراجمهم إلا أنه كان أوفر مادةً وأوسع نشاطًا في كتابه على من سبقه من علماء وقته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير