تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك ما رواه وهب بن منبه، قال: هذا ما سألت عنه جابر بن عبدالله، فأخبرني، سألته: في المصلين من طواغيت؟ قال: لا، وسألته: هل فيهم من مشرك؟ قال: لا، وساق جابر الحديث: "بين الشرك والكفر ترك الصلاة" قال: وسألته: أكانواَ يدْعون الذنوب شركًا؟ قال: معاذ الله ....

فهذه النصوص تدل على إجماع الصحابة على هذا الفهم، وتأمل كيف نفى جابر كون الصحابة كانوا يسمون الذنوب شركًا، ففيه ردُّ على من حمل الشرك هنا على شرك الذنب، لا شرك الكفر، وقد علَّقْتُ على هذا الموضع في بعض طرق حديث جابر بما يزيل بعض الإشكالات، فارجع إليه هناك.

@ فإن قيل: إن هناك من ينازع في دعوى الإجماع، لأن عبدالله بن شقيق لم يلق جميع الصحابة، إنما أدرك عددًا قليلاً منهم، فلا يُسلَّم بدعوى الإجماع.

فالجواب من وجوه:

أ - أن كلام عبدالله بن شقيق صيغته صيغة الإجماع، وقد قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (1/ 315): والظاهر من الصيغة، أن هذه المقالة، اجتمع عليها الصحابة، لأنه أي قوله "كان أصحاب رسول الله e..." جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك. ا& aacute;

وبه رد المباركفوري عَلَى القاريِّ، عند ما حمله على غير الكفر، فقال المباركفوري: قلت: بل قول عبدالله بن شقيق هذا، بظاهره يدل على أنّ أصحاب رسول الله e كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر، والظاهر من الصيغة، أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: "كان أصحاب رسول الله e...." جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك. ا& aacute;

من "تحفة الأحوذي" (7/ 370).

ب- أن عبدالله بن شقيق حاكٍ للإجماع، لا راويًا عن الصحابة، وحاكي الإجماع؛ لا يلزم أن يكون مدركًا لجميع من نقل عنهم الإجماع، فهذا محمد بن نصر المروزي وابن عبدالبر والنووي وابن تيمية وابن القيم وغيرهم ينقلون إجماع الصحابة في مواضع كثيرة، ولم يقل أحد من العلماء: إنهم لم يسمعوا من الصحابة، فدعواهم مردودة!!

ج - أننا لو سلمنا بذلك؛ فعبدالله بن شقيق لم ينفرد بذلك، بل حكاه جابر عن الصحابة في عهد رسول الله e، كما سبق، وقد نفى جابر مُسْنِدًا ذلك إلى الصحابة أن يكون المراد بالشرك هنا شرك الذنب، لا شرك الكفر، ولعل عبدالله بن شقيق أخذ هذا الفهم عن جابر، فإن سماعه من جابر ممكن جدًا، والله أعلم.

د - نقل غير واحد من العلماء إجماع الصحابة على ذلك، ولم أقف على قول أحد منهم يطعن في ذلك، ولو وُجد ذلك عن بعضهم؛ فالمثبت مقدم على النافي، لا سيما في مثل هذا الموضع، الذي تحفه كل هذه القرائن، فمن هؤلاء العلماء الذين أثبتوا إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة:

1 - ما أخرجه المروزي في "الصلاة" (2/ 925/978): ثنا محمد بن يحيى ثنا أبوالنعمان ثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: تَرْكُ الصلاة كُفْر، لا يُختلَفُ فيه. ا& aacute;

وهذا سند رجاله ثقات، إلا أن أبا النعمان وهو محمد بن الفضل السدوسي، الملقب بعارم، ثقة تغير بأخرة، وقد روى عنه الذهلي قبل الإختلاط، انظر حاشية "كتاب المختلطين" للعلائي ص (117،119) فقد نقل المحققان عن ابن الصلاح والسخاوي ذلك.

2 - ما أخرجه المروزي في "الصلاة" (2/ 929/990): سمعت إسحاق يقول: قد صح عن رسول الله e أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم، من لدن النبي e إلى يومنا هذا: أن تارك الصلاة عمدًا، من غير عذر، حتى يذهب وقتها كافر. ا& aacute;

وزاد ابن عبدالبر في "التمهيد" (4/ 225 - 226): إذا أبى من قضائها، وقال: لا أصليها، ..... ثم ذكر تفسير إسحاق لذهاب الوقت.

3 - قال المروزي في "الصلاة" (2/ 925): ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي e في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك، ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما رُوى عن النبي e، ثم عن الصحابة رضي الله عنهم في إكفار تاركها ..... ا& aacute; ومعلوم أن محمد بن نصر المروزي من أهل الاستقراء التام، والمعرفة الواسعة بأقوال أهل العلم، ومواضع الإجماع والنِّزاع، كما صرح بذلك أبوبكر الخطيب، فقد قال: كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام. ا& aacute;

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير