ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 May 2003, 05:37 م]ـ
بسم الله
سأل سائل عن سر تقديم الجار والمجرور في آية يس (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى)؛ فكان الجواب:
أولاً – اعلم أخي السائل وفقك الله وزادك من فضله أن آية القصص (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) جاءت على الترتيب المعروف، حيث تقدم الفاعل وهو هنا (رجل) وهذا موافق للترتيب المعروف في اللغة.
وأما في سورة يس فقد تأخر الفاعل وتقدم الجار والمجرور عليه، وبناءً على ذلك فمحل البحث هنا هو آية يس ولم تأخر الفاعل فيها؟.
ثانياً - تكلم العلماء رحمهم الله حول هذا الموضع وذكروا أجوبة متعددة لسر تقديم الجار والمجرور وهو قوله تعالى (من أقصى المدينة) على الفاعل في آية سورة يس، ومن الأجوبة التي ذكروها:
1.أن في تقديم الجار والمجرور على الفاعل إشارة إلى معنى جليل وهو أن بعد المكان لا يعوق من أراد الإستجابة واتباع المرسلين، كما أن القرب قد لا يكون من دواعي الإجابة. وكأن في هذه الآيات التي وردت هذه الآية في سياقها مثالاً لحال كفار قريش من أهل مكة، وحال الأنصار من أهل المدينة، حين جاء أهل المدينة مع بعدهم وآمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وكفار قريش من أهل مكة لم يؤمنوا مع قربهم. [انظر تفصيل هذا الإستنباط في كتاب:ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل للحافظ أحمد بن ابراهيم الغرناطي 2/ 904 - 907].
2. أن في ذلك إشادة بأهل أقصى المدينة وثناء عليهم، وأنه قد يوجد الخير في الأطراف ما لايوجد في الوسط، وأن الإيمان يسبق إليه الضعفاء الذين يسكنون في الغالب في أطراف المدن؛ لأنهم لا يصدهم عن الحق ما فيه أهل السيادة من ترف وعظمة إذ المعتاد أنهم يسكنون وسط المدينة. [ذكر هذا التوجيه الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير 11/ 365 - 366].
3. أن في ذلك تبكيتاً للمخاطبين من القوم الذين كفروا بالرسل، إذ جاء هذا الرجل الناصح من أقصى مكان فيها وهو لم يحضر ما يحضرون، ولم يشهد ما يشهدون من الآيات والنذر. [ذكره الإسكافي في درة التنزيل نقلاً عن كتاب خصائص التعبير القرآني لعبد العظيم المطعني 2/ 187 - 188].
ومن الأجوبة كذلك: أن ترتيب كلمات الجملة في الآية على حسب السياق والمقصود منه. ففي قصة موسى في سورة القصص كان المقصود هو الإشارة إلى موقف الرجل الناصح الذي جاء يحذر موسى، وينصحه بمغادرة المدينة، ولم يكن المقصود بيان المكان الذي جاء منه. وأما في قصة أصحاب القرية في سورة يس فإن المقصود هو المكان الذي قدم منه الرجل أولاً، ليشير إلى وصول دعوة الرسل الثلاثة إلى أبعد نقطة في المدينة، وهي أقصى المدينة، فلماذا لا يستجيب أهل القرية للرسل وهم قريبون منهم؟! ولهذا قدم المكان والله أعلم. [مع قصص السابقين في القرآن لصلاح الخالدي 3/ 252 - 253].
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 May 2003, 11:40 م]ـ
بسم الله
من لطائف الاستنباطات:
- (يقال:لم يصف الله سبحانه أحداً من خلقه بصفة أعزّ من الحلم، وذلك حين وصف اسماعيل به. ويقال: إن أحداً لا يستحق اسم الصلاح حتى يكون موصوفاً بالحلم؛ وذلك أن إبراهيم صلوات الله عليه دعا ربه فقال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات:100) فأجيب بقوله: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (الصافات:101) فدلّ على أن الحلم أعلى مآثر الصلاح، والله أعلم.) [من كتاب: شأن الدعاء للخطابي ص64 بتحقيق أحمد يوسف الدقاق].
وهذه فائدة في الفرق بين الغفار والغفور في أسماء الله تعالى:
-الغفور، والغفار من أسماء الله تعالى، واشتقاقهما من أصل واحد، (وسبيل الاسمين من أسماء الله جلّ وعزّ المذكورين على بناءين مختلفين – وإن كان اشتقاقهما من أصل واحد – أن تطلب لكل واحد منهما فائدة مستجدة، وأن لا يحملا على التكرار. فيحتمل – والله أعلم – أن يكون الغفار معناه: الستار لذنوب عباده في الدنيا بأن لا يهتكهم ولا يشيدها عليهم، ويكون معنى الغفور منصرفاً إلى مغفرة الذنوب في الآخرة، والتجاوز عن العقوبة فيها.) [المرجع السابق ص 65].
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 May 2003, 06:21 م]ـ
الطريقة المثلى لتفسير كلام الله تعالى.
¥