أقول مستعيناً بالله تعالى: أفضل الطرق لتفسير القرآن الكريم هي التي تحقق المقصد والهدف من التفسير على أكمل وجه.
ولسائل أن يسأل ويقول: وما المقصد والهدف من التفسير؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال أنبه على أن المسلم لا يمكن أن ينتفع بالقرآن ويهتدي به على أكمل الوجوه حتى يقوم بهذه الأمور الثلاثة التي هي من أهم مقاصد إنزال القرآن الكريم، وهي:
أولاً – تلاوة آياته وترتيلها كما أمر الله سبحانه بذلك في قوله: (ورتل القرآن ترتيلاً).
ثانياً – تدبر آياته والتفكر فيها كما قال الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب).
ثالثاً – العمل بما فيه، وتطبيق أحكامه، والتحاكم إليه كما قال عز وجل: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم).
فالأمر الأول يعين على تحقيقه علم التجويد والقراءات مع الحرص على تلقي القرآن من أفواه المقرئين المتقنين لتلاوته.
والأمر الثاني – وهو التدبر – لا يمكن أن يحصل على الوجه المطلوب إلا بفهم معاني القرآن وبيان المراد منه، وهذا هو التفسير.
والأمر الثالث – وهو العمل بالقرآن – يكون بتطبيق ما ترشد إليه الآيات وتدعو إليه، وهذا يؤخذ من الآيات عن طريق استنباط الأحكام والفوائد والعبر والعظات من الآيات.
وعليه؛ فإن الهدف من التفسير هو تحقيق التدبر لكتاب الله، ومعرفة المعنى الصحيح للآية المؤدي إلى الإستنباط الصحيح.
وبناءً على جميع ما سبق؛ يمكن أن يقال: إن الطريقة المثلى لتفسير القرآن الكريم هي التي يراعى فيها تحقيق الأمور الثلاثة السابقة، وذلك باتباع الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: أن تتلى الآيات المراد تفسيرها قراءة صحيحة مرتلة مجودة.
الخطوة الثانية: أن يبين ما يحتاج إلى بيان في هذه الآيات، وذلك ببيان معنى اللفظ المشكل، وإيراد سبب النزول، ومعرفة السياق الذي وردت فيه، وغير ذلك مما لا يتضح معنى الآيات إلا بمعرفته. مع مراعاة عدم الخوض في تفصيلات وتفريعات قد لا تدعو الحاجة إليها، لأن الخوض في مثل هذه التفاصيل التي تكثر في كثير من كتب التفسير قد يكون عائقاً عن المعاني المهمة التي لها تعلق بالعمل والتطبيق.
الخطوة الثالثة: استنباط الأحكام والفوائد التربوية والعملية والإيمانية من هذه الآيات، وهذا من أهم ما ينبغي أن يراعى في التفسير، وهو الذي يحصل بسببه علم كثير وخير عظيم لمن اهتم به وحرص عليه.
وهذه الطريقة – بخطواتها الثلاث – يمكن أن يستدل عليها بقول الله تعالى: (ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم)
فالخطوة الأولى (يتلو عليهم آياتك)، والخطوة الثانية (ويعلمهم الكتاب والحكمة)، والخطوة الثالثة (ويزكيهم).
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الخطوات: ("يتلو عليهم آياتك" لفظاً وحفظاً وتحفيظاً، "ويعلمهم الكتاب والحكمة" معنىً، "ويزكيهم" بالتربية على الأعمال الصالحة، والتبري من الأعمال الردية التي لا تزكو النفوس إلا معها.) اه كلامه رحمه الله وهو على اختصاره من أجمل ما ذكر في التفسير.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 May 2003, 06:48 ص]ـ
كثيراً ما كنت أقف عند ما يذكره العلماء والباحثون في علوم القرآن أثناء بحثهم لتفسير النبي صلى الله عليه مسلم والصحابة للقرآن الكريم، وما يذكرونه من خلاف حول القدر الذي فسره النبي عليه الصلاة والسلام؛ هل فسر القرآن كاملاً؟ أو لم يفسر إلا بعضه؟
وهل ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم تفسير للقرآن كاملاً؟ أم لم يثبت عنهم إلا تفسير لبعض آياته؟ وما مقدار ذلك التفسير الذي أثر عنهم؟.
ولست هنا بصدد ذكر الخلاف في هذه المسائل، وأقوال العلماء فيها؛ وإنما الذي أريد أقرره وأبينه أن العلماء عندما بحثوا فيما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة من تفسير للقرآن اقتصروا على جانب واحد من جوانب التفسير، ألا وهو التفسير القولي؛ أي ما ثبت عنهم من أقوال في تفسير الآيات وبيان مدلولها ومعناها، وسبب نزولها، وما شابه ذلك مما يتعلق بالتفسير من علوم ومباحث.
¥