تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 May 2003, 07:01 ص]ـ

هذا تفسير عجيب، وموقف فريد، قل أن تجد له مثيلاً، أو تسمع له نظيراً. إنه موقف أحد تلاميذ مدرسة النبوة، يفسر به آية طالما قرأناها وسمعناها ولكن إلى الله نشكو حالنا!!

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان (((أحب أمواله إليه بيرحاء))) وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما أنزلت هذه الآية

(((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)))

قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول:

(((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)))

وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين) فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. [أخرجه البخاري رقم 4279 ومسلم رقم 998].

فهذا الموقف ذكره يكفي و يغني عن التعليق عليه؛ ولكن إذا أردنا أن نكون على بينة من روعة هذا الموقف العملي المفسر لهذه الآية فلننظر إلىحالنا مع هذه الآية، وما موقفنا منها عندما تتلى علينا؟!

هل فكر أحدٌ منا أن ينفق أحب ما يملك فضلاً على أن يفعل ذلك؟!

وماذا لو طُلب من أحدنا أن يفسر هذه الآية؟ ماذا كان يفعل؟!

إن فعل أبي طلحة رضي الله عنه هو التفسير المنشود، الذي نحتاج إليه، وهو ما عنيته سابقاً عندما أشرت إلى أننا بحاجة إلى تفسير عملي لآيات القرآن الكريم أكثر من حاجتنا إلى التفاسير الكلامية التي أكثرنا منها حتى مللنا من كثرة الكلام.

فما أروع هذا الموقف! إنه الإيمان الراسخ، واليقين بما عند الله، وإيثار

ما يبقى على ما يفنى، وهذا ما دفعهم إلى اتخاذ مثل هذه المواقف الرائعة.

فنسأل الله أن يلحقنا بهم بحبنا لهم، أما أعمالنا فلن توصلنا إلى ما وصلوا إليه ولو أنفقنا مثل جبل أحد ذهباً.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 May 2003, 09:26 ص]ـ

القرآن الكريم لم ينزل لمجرد التلاوة اللفظية فحسب؛ بل نزل من أجل هذا ومن أجل ما هو أعم وأكمل؛ وهو فهم معانيه وتدبر آياته ثم التذكر والعمل بما فيه، وهو المنصوص عليه في قوله - تعالى -: ((ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم)) [{البقرة: 129]}.

إن تلاوة كتاب الله - تعالى - تعني شيئاً آخر غير المرور بكلماته بصوت أو بغير صوت، إنها تعني تلاوته بفهم وتدبّر ينتهي إلى إدراك وتأثر، وإلى عمل بعد ذلك وسلوك.

إن تلاوة كتاب الله لا تعني الحرص على إقامة المدّ والغنّة ومراعاة الترقيق والتفخيم فحسب؛ وإنما تعني ذلك مع ترقيق القلوب وإقامة الحدود.

وقد عد شيخ الإسلام ابن تيمية المبالغة والحرص في تحقيق ذلك وسوسة حائلة للقلب عن فهم مراد الله - تعالى - (1).

والأمر الجامع لذلك: كما أننا مُتعبدُون بقراءة ألفاظ القرآن صحيحة وإقامة حروفه على النحو الذي يرضيه - جلّ وعلا - متعبدون بفهم القرآن والتفقه فيه دون سواه، والاستغناء به عن غيره. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده" (2).

قال - تعالى -: ((الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته)) [{البقرة: 121]} وقد فسر قتادة أن الصحابة هم الذين كانوا يتلونه حق تلاوته (3).

والتلاوة لها معنيان:

أحدهما: القراءة المرتلة المتتابعة، وقد أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ((وأمرت أن أكون من المسلمين. وأن أتلو القرآن)) [النمل: 91، 92]. وكان يتلوه على كفار قريش قال - تعالى -: ((قل لو شاء الله ما تلوته عليكم)) [يونس: 16].

والثاني: الاتباع؛ لأن من اتبع غيره يقال تلاه؛ ومنه قوله - تعالى -: ((والقمر إذا تلاها)) [الشمس: 2]، روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: "يتبعونه حق اتباعه"، ثم قرأ: ((والقمر إذا تلاها)) أي: اتبعها (4).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير