ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[26 Apr 2003, 06:13 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه اللفتات الطيبة في وقتها المناسب
ولدي اقتراح أسوقه لك: أن تكون هذه المعالم في حلقات مفردة بمعنى أن تفرد كل تعليق بمشاركة خاصة مستقلة وهذا أجدى في متابعتها وعلم القراء بها، فتكون حلقات مرقمة: الحلقة الأولى مع قوله تعالى .. ثم الثانية والثالثة .. وهكذا.
والسلام عليكم
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[24 Mar 2007, 03:02 م]ـ
جزاكم الله خيراً على إثارة هذا الموضوع، وأحب أن أضيف هذه المشاركة المتواضعة؛ عسى أن يكون فيها ما ينفع.
قواعد قرآنية في فقه الواقع
يقول المفكر الإسلامي مالك بن نبي -مشخصاً الداء الذي تعاني منه الأمة الإسلامية-: " إن مشكلتنا ليست في الاستعمار، وإنما في قابليتنا للاستعمار". وهذا الأمر ما زال يَصْدُقُ على أمتنا في هذا الزمن، رغم المدة الطويلة التي مرت على هذه الكلمات؛ فالهزيمة والتمزق والضعف الذي نعيشه ليس هو المشكلة الحقيقية ... مشكلتنا ليست الهزيمة، وإنما الانهزامية.
وإن ما نسمعه اليوم على لسان كثير من الناس من دعوة إلى الذل والخنوع والخضوع سببه عدم فقههم بالقواعد والسنن التي ينبغي أن نفهمها ونعتقدها حتى يَحْسُنَ تعامُلُنا مع الواقع الذي نعيش، وحتى نكون إيجابيين في عملنا لتغيير هذا الواقع، ومن هذه القواعد:
أولاً: أن نوقن بأن الله تعالى هو الفاعل الحقيقي للأشياء ... كل شيء بقدر الله، وكل شيء بإرادة الله. وفي قصة موسى وفرعون تحدٍّ للمنطق العقلي ... تأملوا معي: عَلِمَ فرعون أن هلاكه سوف يكون على يد مولود من بني إسرائيل؛ فأمر بأن يُقتل كلُّ مولود، أراد فرعون أن لا يعيش، وأراد الله أن يعيش، بل كان قَدَرُهُ سبحانه أن يعيش موسى عليه السلام في قصر فرعون، وأن يتولى فرعون بنفسه تربيته! خرج موسى غريباً مطارداً فأَمّنهُ الله وزوَّجه، عاد نبيًّا وداعياً إلى الله وهو مطلوب الدم، ويدخل على أعظم ملوك الأرض، ثم يخرج بعد ذلك منتصراً. خرج بقومه بني إسرائيل، فأتبعه فرعون بجنوده، وكل قوانين الأرض تحكم أنه هالك لا محالة؛ فخلْفه جيش مدجج بالأسلحة، وليس معه سوى مجموعة لا تملك إلا إيماناً ضعيفاً مهزوزاً، وعصا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه وله فيها مآرب أخرى، ولكن ... كيف كان موقفه وقد أيقن أن كل شيء بقدر الله: (قال أصحاب موسى إنا لمدركون. قال كلاّ إن معي ربي سيهدين) [الشعراء: 61 - 62]. فكانت النجاة لموسى ومن معه، وكانت الهلكة لفرعون وجنوده.
ثانياً: أن نزن الأمور بحقائقها لا بظواهرها: المسلمون في غزوة حنين قاسوا الأمور بالظواهر فقالوا: لن نغلب اليوم من قلة، فأنزل الله تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً) [التوبة: 25]. وأما في بدر: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) [آل عمران: 123] فليست العبرة بالعدد هذه قلة وهذه كثرة، بل قلة معها الله، وكثرة معها الشيطان، وما ينطبق على العدد ينطبق على العُدَّة .. واللبيب من يعتبر بما حصل سابقاً ليُسْقِطَه على الواقع.
ثالثاً: أن نراعي السنن الكونية في فهم الواقع: فهناك سنن كونية لا بد من الأخذ بها، وأي تغافل عنها هو هروب من فهم الواقع وحقيقته. وهذه السنن لا تتغير ولا تحابي أحداً (ولن تجد لسنة الله تبديلاً) (الأحزاب: 62) (دمّر الله عليهم وللكافرين أمثالها) (محمد: 10). وإنما الذي يكسبها هو الذي يستطيع أن يغير في حياته وواقعه.
ولعل من فقه الواقع والعمل لتغييره اصطحاب تغير الأنفس وما جبلت عليه من الوهن والضعف (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد: 11) فإذا أردنا تغيير واقعنا ينبغي علينا – أولاً – أن نغير أنفسنا.
وقد جعل الله عز وجل سنة للنصر لا تتخلف إلى يوم القيامة فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) (محمد: 7). فلما لم نراع هذه السنة أصبح حالنا كما نرى.
وجعل الله عز وجل للبركة والغنى وسعة الرزق سنة كريمة: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (الأعراف: 96). وأمتنا اليوم تعيش أزمة الفقر والجوع والجهل والمرض رغم الثروات الهائلة التي تملكها.
¥