تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رابعاً: أن لا نكون رهناً لظروفنا وأوضاعنا: وهذا ما ألمح إليه مالك بن بني عندما حلّل ظاهرة استعمار البلاد الإسلامية؛ فجعل من أسباب ذلك (قابلية) هذه الأمة للاستعمار. وهذا لا يعني أن نغفل مواطن الضعف في مجتمعنا، وإنما – أولاً – قراءة الواقع بـ (روح الإقدام)، ثم حسن التعامل معه والإيجابية في العمل لتغييره؛ للوصول إلى مستقبل أفضل (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم) (محمد: 35)، فإذا اجتمعت معية الله مع العمل فالمستقبل لنا ولن يضيع الله أعمالنا.

أما التخاذل والانهزامية بحجة (الوضع الراهن) وقوة العدو فنتيجته الضياع والتيه حتى يأتي الجيل الذي يستحق الفتح (قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها) (المائدة: 22) فماذا كان حكم الله فيهم؟! (قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض) (المائدة: 26).

خامساً: أن نقرأ الواقع قراءة شمولية لا تجزيئية، جماعية لا فردية، والابتعاد عن ظاهرة (الشخصنة)؛ فالكثير منا عندما ينظر إلى حال المسلمين يعود به الحنين إلى شخص صلاح الدين - رحمه الله، علماً بأنه كان ثمرة من ثمرات عمل جماعي متراكم، بل وأصبحت بعض الفرق ترى في ظاهرة (الشخصنة) سبيل النجاة من أوضاعنا وظروفنا الصعبة، كفكرة المهدي في الفكر الشيعي.

أما منهج القرآن فهو: (وقل اعملوا ... ) (التوبة: 105) فالخطاب موجه إلى مجموع الأمة لا لفرد منها.

سادساً: أن نعلم بأنه لا تمكين إلا بعد ابتلاء: وهذه إحدى العبر المستفادة من سورة يوسف؛ فيوسف عليه السلام ابتلي بفراق الأهل وفتنة النساء والسجن وفتنة المُلك والحُكم، ولكن ماذا كانت النتيجة: (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين) [يوسف: 56].

ولذلك -أيها الإخوة- لا تحزنوا لفرحة ظالم ولا لغلبة باطل؛ فإن للباطل جولة وللحق جولات. وكثير من الآيات ختمت بقوله تعالى: (حَبِطَت أعمالهم) في شأن الكافرين، ومعنى (حبط) في أصل وضعها اللغوي: هو أن تأكلَ الدابة نباتاً سامًّا فتنتفخ ثم تموت، فيظن قصار النظر أن انتفاخها دليلُ عافيتها وقوتها. وهذا الأمر ينطبق على اليهود والأمريكان، فإنهم يعيشون الآن في مرحلة الانتفاخ والعلو والطغيان، ولكن من آتاه الله بُعْدًا في النظر، وصدقًا في اليقين، يعلم أن الله تعالى يأبى إلا أن ينصر دينه (إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلّين. كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز) [المجادلة: 20 - 21]. النصر قادم بإذن الله، ولكن بعد أن نقوم بواجبنا (إن تنصروا الله ينصركم) [محمد: 7]، وبعد أن ندفع ضريبة النصر ... (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) (البقرة: 214).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير