تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2.القرآن كلام الله تعالى، الذي هو أحكم الحكماء، وأحلم الحلماء، فكلامه سبحانه أفضل الكلام، وبيانه أبين البيان؛ فغير جائز – إذا كان الأمر كذلك – أن يخاطب ربنا جلّ ذكره أحداً من خلقه إلا بما يفهمه المخاطب، ولا يرسل إلى أحد منهم رسولاً إلا بلسانٍ وبيانٍ يفهمه المرسل إليه. [وقد يؤخذ من هذا أن ابن جرير يرى أنه ليس في كلام الله تعالى ما لا يفهمه المخاطب؛ حتى الحروف المقطعة. وقد رجح أنها تُحمل على جميع المعاني التي تحتملها مما ورد في تفسيرها عن المفسرين من السلف – كما سيأتي إن شاء الله -].

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 May 2003, 01:55 م]ـ

بسم الله

بعد أن قرر الإمام الطبري أن القرآن الكريم نزل بلسان العرب، وأن أوجه البيان التي استعملها متفقة مع أوجه البيان التي يستعملها العرب الذين نزل القرآن بلسانهم؛ وهذا هو مقتضى الحكمة = عقد مبحثاً أورد فيه ما قد يظنه البعض معارضاً لما ذكر، وهو:

القول في البَيَان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم

ثم قال:

(قال أبو جعفر: إن سألنا سائل فقال: إنك ذكرت أنه غيرُ جائز أن يخاطب الله تعالى ذكرهُ أحدًا من خلقه إلا بما يفهمه، وأن يرسل إليه رسالة إلا باللسان الذي يفقهه .....

1 - فما أنت قائل فيما حدثكم به محمد بُن حُميد الرازي، قال: حدثنا حَكّام بن سَلْم، قال: حدثنا عبْسة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عن أبي موسى: (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) [سورة الحديد: 28]، قال: الكفلان: ضعفان من الأجر، بلسان الحبشة.

2 - وفيما حدثكم به ابن حُمَيْد، قال: حدثنا حكام، عن عَنبسة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ) [سورة المزمل: 6] قال: بلسان الحبشة إذا قامَ الرجلُ من الليل قالوا: نَشأ.

3 - وفيما حدّثكم به ابن حميد قال: حدّثنا حكام، قال: حدثنا عنبسة، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة: (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) قال: سبِّحي، بلسان الحبشة؟

قال أبو جعفر: وكل ما قلنا في هذا الكتاب "حدّثكم" فقد حدثونا به.

4 - وفيما حدّثكم به محمد بن خالد بن خِداش الأزديّ، قال: حدثنا سلم ابن قتيبة، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سأل عن قوله: (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) [سورة المدثر: 51] قال: هو بالعربية الأسد، وبالفارسية شار، وبالنبطية أريا، وبالحبشية قسورة.

5 - وفيما حدثكم به ابن حميد قال: حدّثنا يعقوب القمّى، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبَير قال: قالت قريش: لولا أنزِل هذا القرآن أعجميٌّا وعربيًّا؟ فأنزل الله تعالى ذكره: (لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) [سورة فصلت: 44] فأنزل الله بعد هذه الآية في القرآن بكل لسان فيه. (حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) [سورة هود: 82، وسورة الحجر: 74] قال: فارسية أعربت "سنك وكل.

6 - وفيما حدثكم به محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهديّ، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، قال: في القرآن من كل لسان.

وفيما أشبه ذلك من الأخبار التي يطولُ بذكرها الكتاب، مما يدل على أن فيه من غير لسان العرب؟

قيل له: إنّ الذي قالوه من ذلك غير خارج من معنى ما قلنا -من أجل أنهم لم يقولوا: هذه الأحرف وما أشبهها لم تكن للعرب كلامًا، ولا كان ذاك لها منطقًا قبل نزول القرآن، ولا كانت بها العرب عارفةً قبل مجيء الفرقان- فيكون ذلك قولا لقولنا خِلافًا. وإنما قال بعضهم: حرف كذا بلسان الحبشة معناهُ كذا، وحرفُ كذا بلسان العجم معناه كذا. ولم نستنكر أن يكون من الكلام ما يتفق فيه ألفاظ جميع أجناس الأمم المختلفة الألسن بمعنى واحد، فكيف بجنسين منها؟ كما وجدنا اتفاق كثير منه فيما قد علمناه من الألسن المختلفة، وذلك كالدرهم والدينار والدواة والقلم والقرْطاس، وغير ذلك -مما يتعب إحصاؤه وُيمِلّ تعداده، كرهنا إطالة الكتاب بذكره- مما اتفقت فيه الفارسية والعربية باللفظ والمعنى. ولعلّ ذلك كذلك في سائر الألسن التي نجهل منطقها ولا نعرف كلامها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير