تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن الخلاصات الجيدة التي فيها جمع بين الأقوال في هذه المسألة ما نص عليه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام بقوله: (والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء إلا أنها سقطت إلى العرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، من قال إنها عربية فهو صادق ومن قال أعجمية فصادق.) نقله عنه ابن فارس في كتابه المعرب ص6.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 May 2003, 06:27 م]ـ

بسم الله بعد أن بيّن الإمام ابن جرير أن القرآن الكريم نزل بلسان العرب، وأنه لا يوجد فيه كلمات خارجة عن لسانهم [غير أسماء الأعلام] = عقد مبحثاً آخر لبيان أي لغة من لغات العرب نزل بها القرآن، وقد ذكر في هذا المبحث الأحاديث والآثار التي دلت على نزول القرآن على سبعة أحرف، وبين معناها، ورجح ما يراه راجحاً من الأقوال في ذلك. قال رحمه الله: (القول في اللغةالتي نزل بها القرآن من لغات العرب قال أبو جعفر: قد دللنا، على صحة القول بما فيه الكفاية لمن وُفِّق لفهمه، على أن الله جل ثناؤه أنزل جميع القرآن بلسان العرب دون غيرها من ألسن سائر أجناس الأمم، وعلى فساد قول من زعم أن منه ما ليس بلسان العرب ولغاتها. فنقول الآن -إذ كان ذلك صحيحًا- في الدّلالة عليه بأيِّ ألسن العرب أنزل: أبألسن جميعها أم بألسن بعضها؟ إذ كانت العرب، وإن جمَع جميعَها اسمُ أنهم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان، متباينو المنطق والكلام. وإذْ كان ذلك كذلك -وكان الله جل ذكرُه قد أخبر عبادَه أنه قد جعلَ القرآن عربيًّا وأنه أنزل بلسانٍ عربيّ مبين، ثم كان ظاهرُه محتملا خصوصًا وعُمومًا- لم يكن لنا السبيلُ إلى العلم بما عنى الله تعالى ذكره من خصوصه وعمومه، إلا ببيان مَنْ جعل إليه بيانَ القرآن، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذ كان ذلك كذلك - وكانت الأخبار قد تظاهرت عنه صلى الله عليه وسلم.) [ثم ذكر الأحاديث والآثار التي تدل على نزول القرآن على سبعة أحرف] ثم قال: (قال أبو جعفر: صحّ وثبتَ أنّ الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعضُ منها دون الجميع، إذ كان معلومًا أن ألسنتها ولغاتِها أكثرُ من سبعة، بما يُعْجَزُ عن إحصائه. فإن قال: وما برهانك على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "نزل القرآن على سبعة أحرف"، وقوله: "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف"، هو ما ادَّعيتَ - من أنه نزل بسبع لغات، وأمِرَ بقراءته على سبعة ألسُن- دون أن يكونَ معناهُ ما قاله مخالفوك، من أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقَصَص وَمثَل ونحو ذلك من الأقوال؟ فقد علمتَ قائلَ ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة. قيل له: إنّ الذين قالوا ذلك لم يدَّعوا أن تأويلَ الأخبار التي تقدم ذكرُناها، هو ما زعمتَ أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره، فيكونَ ذلك لقولنا مخالفًا، وإنما أخْبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجهٍ. والذي قالوه من ذلك كما قالوا. وقد رَوَينا - بمثل الذي قالوا من ذلك - عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة من أصحابه، أخبارًا قد تقدم ذكرُنا بعضها، ونستقصى ذكر باقيها ببيانه، إذا انتهينا إليه، إن شاء الله. فأما الذي تقدم ذكرُناه من ذلك، فخبر أبيّ بن كعب، من رواية أبي كُريب، عن ابن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، الذي ذكر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرفٍ، من سبعة أبواب من الجنة".والسبعة الأحرف: هو ما قلنا من أنه الألسن السبعة. والأبواب السبعة من الجنة: هي المعاني التي فيها، من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثَل، التي إذا عَمل بها العامل، وانتهى إلى حدودها المنتهى، استوجب به الجنة. وليس والحمد لله في قول من قال ذلك من المتقدمين، خلافٌ لشيء مما قلناه. والدلالةُ على صحة ما قلناه - من أنّ معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "نزل القرآن على سبعة أحرف"، إنما هو أنه نزل بسبع لغات، كما تقدم ذكرناه من الروايات الثابتة عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبيّ بن كعب، وسائر من قدمنا الرواية عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب- أنهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير